ردّت وزارة الفلاحة الإسبانية بشأن الجدل الدائر حول الاتفاق الزراعي الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن الأمر لا يتعلق باتفاق جديد، بل “بتكييف تقني بعد صدور حكمين من القضاء الأوروبي”، وأن المزارعين الإسبان لا يجب أن يقلقوا بشأن سلامة الواردات الفلاحية القادمة من المغرب.
وجاء رد وزارة الفلاحة والصيد البحري والتغذية الإسبانية، على تساؤلات وجهتها “الصحيفة” إليها، عقب ظهور العديد من الانتقادات من منظمات تمثل المزارعين الإسبان ضد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الرباط وبروكسيل مؤخرا والذي يسمح باستئناف تصدير المغرب لمنتجات الفلاحة والصيد البحري من إقليم الصحراء المغربية على غرار باقي المناطق المغربية الأخرى.
ورصدت “الصحيفة” توجه بعض مسؤولي هذه المنظمات الإسبانية إلى إطلاق اتهامات ضد المنتجات المغربية الفلاحية بدعوى أنها لا تتميز بالمعايير الصحية المطلوبة وفق ما هو معمول به أوروبيا، مع إعلان عزمهم التوجه إلى رفع شكايات جديدة للطعن في الاتفاق الجديد بمبررات تتعلق بما وصفوه بـ”المنافسة غير العادلة”، ومبررات سياسية أخرى بعيدة عن الاقتصاد، كالادعاء بأن إقليم الصحراء “ليس إقليما مغربيا”.
وفي هذا السياق، قالت وزارة الفلاحة الإسبانية في ردها على تسؤلات “الصحيفة”، بأن الوزير لويس بلاناس أعرب عن تفهمه لقلق الفاعلين في القطاع الفلاحي الإسباني، خاصة في منطقة ألميريا، بشأن الاتفاق بين الرباط وبروكسيل الذي تم التوصل إليه مؤخرا، مضيفة بأن الأمر في الحقيقة “لا يتعلق باتفاق جديد، بل بتكييف تقني عقب حكمين صادرين عن القضاء الأوروبي”.
كما أضافت وزارة الفلاحة الإسبانية في ردها بشأن ادعاءات الهيئات الزراعية الإسبانية بخصوص المعايير الصحية للمنتجات المستوردة من المغرب، بأن جميع المنتجات التي تدخل التراب الأوروبي “تخضغ لعمليات التفتيش على الحدود، ولا يدخل أي منتج إلى الاتحاد الأوروبي دون خضوعه للرقابة”.
ويأتي هذا الرد الرسمي من مدريد بعد تصاعد حملة الانتقادات من منظمات فلاحية إسبانية، مثل “COAG” و“ASAJA”، التي ادعت أن الاتفاق الجديد “يهدد الإنتاج المحلي الإسباني ويخلق منافسة غير متكافئة”، معتبرة أن المنتجات المغربية “لا تخضع لنفس الشروط الصحية والبيئية المفروضة على المنتجين الإسبان”.
وتسعى هذه الجمعيات، وفق مراقبين، إلى استثمار “ذريعة المعايير الصحية” للضغط على المفوضية الأوروبية من أجل إعادة التفاوض على بعض بنود الاتفاق، أو فرض قيود إضافية على دخول السلع المغربية إلى السوق الأوروبية.
غير أن متتبعين يرون أن القلق الحقيقي لدى المزارعين الإسبان لا يرتبط بالسلامة الصحية بقدر ما يعكس خشيتهم من القدرة التنافسية العالية للمنتجات المغربية، التي تتميز بجودة متزايدة وتكلفة إنتاج منخفضة، ما يجعلها أكثر جذبا للمستهلك الأوروبي”.
ويشير هؤلاء إلى أن استخدام الخطاب الصحي والبيئي ليس سوى غطاء اقتصادي لمحاولة الحد من النفوذ المتزايد للمغرب في السوق الأوروبية، خصوصا في قطاعات الطماطم والفلفل والبطيخ والخيار، التي باتت تعرف حضورا متناميا للمنتج المغربي.
ويأتي الاتفاق الزراعي المعدّل بين الرباط وبروكسيل، الذي دخل حيز التنفيذ المؤقت في الثالث من أكتوبر الجاري، ليشمل المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، مثل “العيون الساقية الحمراء” و“الداخلة وادي الذهب”، مع إدراج تسميات المنشأ الجغرافي في الملصقات الموجهة للمستهلك الأوروبي.
ويُتوقع أن تستكمل الإجراءات القانونية للاتفاق خلال الأشهر المقبلة، في وقت تتواصل فيه محاولات بعض الهيئات الإسبانية لإثارة المخاوف بشأن “سلامة المنتجات المغربية”، رغم تأكيد كل من وزارة الفلاحة الإسبانية والهيئات الصحية المغربية على مطابقتها الكاملة للمعايير الأوروبية.



