زنقة 20 | الرباط
انطلقت حركة GenZ 212 قبل أيام كصرخة شبابية مطالِبة بتحسين أوضاع التعليم، والصحة، والتشغيل، رافعة شعارات اجتماعية خالصة تعبّر عن تململ جيل جديد من السياسات العمومية الراهنة غير أن مسار هذه الحركة، التي وُلدت على الفضاءات الرقمية، سرعان ما انحرف نحو منعرجات عنيفة وغامضة، تطرح اليوم علامات استفهام جدية حول طبيعتها، وأهدافها، والجهات المؤثرة داخلها.
احتجاجات رقمية تتحول إلى مواجهات ميدانية
ما بدأ كدعوات سلمية عبر تطبيقات رقمية، تحوّل في ظرف خمسة أيام فقط إلى موجة احتجاجات عارمة اجتاحت مدنًا كبرى كطنجة و الدارالبيضاء وسلا ومراكش وتارودانت، قبل أن تتخذ طابعًا عنيفًا في أماكن متعددة، أبرزها القليعة، وسيدي بيبي والقنيطرة وإنزكان ووجدة حيث وقعت مواجهات دامية بين محتجين وقوات الأمن، انتهت باستعمال الرصاص الحي ومقتل ثلاثة أشخاص.
انقسامات داخلية وتحوّل في الخطاب
داخل الحركة نفسها، بدأت ملامح الانقسام تطفو على السطح. تيار أول يدعو إلى التهدئة ووقف الاحتجاجات والحفاظ على سلمية المطالب، مقابل تيار آخر يدفع نحو التصعيد و”مواصلة الضغط في الشارع”.
اللافت أن بعض غرف الدردشة على تطبيق “ديسكورد” التي كانت تروج لخطاب رافض للعنف تم حذفها، في حين جرى تهميش أصوات ووجوه مؤسسة للحركة، وحذف منشوراتها، ما يشير إلى محاولات واضحة لإعادة توجيه البوصلة الفكرية والتنظيمية للحراك.
وبينما نشرت المجموعة بيانًا تعلن فيه تعليق الاحتجاجات، سرعان ما اختفى البيان ليعقبه منشور آخر يدعو إلى “النزول اليومي إلى الشارع”، مستخدمًا لغة تقترب من خطاب الأحزاب السياسية والنقابات، مع الإشارة إلى أن القرار اتُّخذ بـ”تصويت الأغلبية”، رغم غياب أي بنية تنظيمية واضحة تؤطر هذه العملية.
من يقود الحركة؟ وأين تتجه؟
أحد الإشكالات المركزية التي تواجهها GenZ 212 اليوم هو غياب قيادة معلَنة أو ناطق رسمي يمثلها. فلا أسماء، ولا هيكلة تنظيمية، ولا حتى أهداف تفصيلية معلنة باستثناء شعارات فضفاضة.
هذا “الفراغ التنظيمي” سمح، وفق مراقبين، بتسلل أطراف غير معروفة استغلت غضب الشارع وأدارت دفة الأحداث نحو الفوضى، حيث شهدت الأيام الأخيرة أعمال تخريب واعتداء على ممتلكات عامة وخاصة، شملت اقتحام وكالات بنكية وبريدية، تكسير واجهات مطاعم عالمية مثل “ماكدونالدز”، ونهب سيارات شرطة ومركبات خاصة، بمشاركة قاصرين وشبان في حالة تخدير.
احتجاج بلا أفق؟
رغم شرعية المطالب الاجتماعية التي رفعتها حركة “جيل زاد” ، في بداياتها، فإن غموض المسار وتحول لغة الخطاب، إلى جانب صمت الجهات المؤثرة داخل الحركة إزاء التجاوزات، يدفع إلى التساؤل:هل ما زالت الحركة تسير نحو تحقيق أهداف اجتماعية؟ أم أن جهات خفية بدأت توظف هذا الزخم لخدمة أجندات مغايرة؟.
كما أن السقف المفتوح الذي تبنته المجموعة، وعدم تقديم بدائل أو مقترحات واضحة، يعمّق حالة التوجس داخل المجتمع، ويضع السلطات والمؤسسات أمام تحدٍ مركب: كيف يتم التعامل مع حركة افتراضية، متغيرة الملامح، تطالب بتغييرات كبرى دون آليات مؤسساتية أو ممثلين رسميين؟.



