قراءات متعددة وانتقادات في الداخل.. لماذا رفضت الجزائر المشاركة في التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء؟

admin2 نوفمبر 2025آخر تحديث :
قراءات متعددة وانتقادات في الداخل.. لماذا رفضت الجزائر المشاركة في التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء؟


فتح رفض الجزائر المشاركة في التصويت على مشروع القرار الأمريكي بشأن الصحراء، الداعي إلى اعتماد مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل للنزاع، في مجلس الأمن الدولي، (فتح) الباب أمام تساؤلات وتحليلات متباينة حول خلفيات هذا الموقف ودلالاته السياسية والدبلوماسية.

ومنذ الإعلان عن نتائج التصويت داخل مجلس الأمن، التي أفرزت 11 صوتا لصالح القرار وامتناع 3 أصوات هي روسيا والصين وباكستان، ورفض 1 للمشاركة، يتعلق الأمر بالجزائر، توالت القراءات حول الأسباب التي دفعت ممثل الجزائر إلى تجنب المشاركة في عملية التصويت، في خطوة وُصفت بأنها “غامضة وغير مفهومة” حتى في الأوساط القريبة من النظام.

ولم تمرّ هذه الخطوة في الداخل الجزائري، دون انتقادات وتساؤلات، حيث خرج رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، بتدوينة لافتة عبّر فيها عن رفضه للطريقة التي أدارت بها الدبلوماسية الجزائرية هذا الملف الحساس، وأشار مقري إلى أن ما جرى في نيويورك يتناقض مع الخطاب الرسمي الذي يصوّر الموقف الجزائري على أنه صلب ومؤثر، موضحا أن مجلس الأمن اعتمد فعليا قرارا يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.

وتساءل مقري في تدوينته قائلا “لماذا امتنعت الجزائر عن المشاركة في التصويت؟ هل هو تسليم بالأمر الواقع؟ أم خضوع لضغوطات ما؟ ولماذا لم يتحمل ممثل الجزائر مسؤوليته في مواجهة الولايات المتحدة، حاملة القلم، التي قادت هذا التحول الدراماتيكي في مسار الملف؟”.

وعكست هذه التساؤلات استغرابا واسعا في العديد من الأوساط السياسية الجزائرية، خصوصا في ظل الخطاب الرسمي الذي يعتبر قضية الصحراء “قضية مصيرية”، إذ ذهب بعض الأصوات الجزائرية إلى القول إن عدم المشاركة في التصويت يعادل غياب الموقف، وهو ما يتناقض مع الشعارات التي ترفعها الجزائر دفاعا عن جبهة البوليساريو.

واعتبرت أصوات معارضة للنظام الجزائري أن الامتناع عن التصويت يخدم الطرح المغربي أكثر مما يضرّه، إذ يعطي الانطباع بأن الجزائر لم تجرؤ على التصويت ضد القرار، رغم كونه يمسّ مباشرة بموقفها التقليدي في هذا النزاع.

وفي مقابل ذلك، برزت قراءات متعددة لهذا الموقف داخل الأوساط الدبلوماسية والإعلامية في المنطقة، حاولت تفسير سلوك الجزائر من زوايا مختلفة، إذ ذهبت القراءة الأولى، إلى اعتبار أن عدم المشاركة في التصويت هو شكل من أشكال الرفض الكامل للمسودة الأمريكية، بما تحمله من مضامين تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.

لكن هذه القراءة الأولى للموقف الجزائري، وُوجهت بتناقض واضح مع ما تروّجه وسائل الإعلام الجزائرية، التي زعمت أن الجزائر تدخلت لتعديل بعض البنود في النص قبل التصويت، وبالتالي لماذا رفضت الجزائر المشاركة في التصويت مادام أنها تدعي بأنها أدخلت تعديلات كبيرة على مسودة القرار لصالح البوليساريو.

أما القراءة الثانية، فاعتبرت أن الجزائر فضّلت تجنب التصويت تفاديا لأي التزام سياسي قد يُستخدم ضدها لاحقاً، حيث أنها لو صوّتت ضد القرار، لكانت عرّضت علاقاتها مع الولايات المتحدة لتبعات سلبية، ولو امتنعت عن التصويت كما فعلت الصين وروسيا، لكانت أُدرجت تلقائيا ضمن محور يُنظر إليه كخدمة غير مباشرة للمغرب، ومن ثمّ، جاء قرار “عدم المشاركة” كخيار وسط يبقي المسافة من الجميع، ولو على حساب حلفائها في تندوف.

القراءة الثالثة، الأكثر تفاؤلا، رأت في الموقف الجزائري محاولة لإبقاء الباب مفتوحا أمام الوساطة الأمريكية في أي مسعى مقبل لإصلاح العلاقات الثنائية مع المغرب، فعدم التصويت ضد القرار يمكن أن يُفسَّر كإشارة دبلوماسية غير معلنة إلى استعداد جزائري للتخفيف من حدة التوتر.

وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أمس السبت في حوار مع القناة الثانية إلى أن “القرار الذي اعتمده مجلس الأمن لم يصوت ضده أي طرف”، في إشارة واضحة إلى أن الجزائر لم تعارضه رسميا، وهو ما قد يُفسر كموقف إيجابي في نظر الرباط.

ولمح الوزير المغربي إلى أن المغرب لا يرى في الموقف الجزائري عائقا أمام إصلاح العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن الإرادة السياسية، إن توفرت، يمكن أن تفتح صفحة جديدة بين البلدين الجارين، على اعتبار أن “لا أحد يعرف الجزائر أكثر من المغرب، ولا أحد يعرف المغرب أكثر من الجزائر”.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة