موقف يتعلق بكشمير أكثر من الصحراء.. لهذه الأسباب استعملت باكستان خطابا قويا ضد قرار مجلس الأمن رغم “العلاقات الوديّة” مع المغرب

admin2 نوفمبر 2025آخر تحديث :
موقف يتعلق بكشمير أكثر من الصحراء.. لهذه الأسباب استعملت باكستان خطابا قويا ضد قرار مجلس الأمن رغم “العلاقات الوديّة” مع المغرب


تفاجأ الرأي العام المغربي، بامتناع باكستان عن التصويت لصالح مشروع القرار الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي لدعم التفاوض حول مقترح الحكم الذاتي كحل للنزاع في الصحراء تحت السيادة المغربية، بالنظر إلى العلاقات التاريخية التي تجمع بين الرباط وإسلام أباد، خاصة أن ممثلها الدائم في الأمم المتحدة تحدث بنبرة قوية ضد القرار.

غير أن خلفيات هذا الموقف; توضح أن تصويت باكستان لصالح القرار لم يكن بالأمر السهل، بل كان سيضعها في موقف ضعف دبلوماسي محتمل أمام الهند، خاصة في سياق النزاع المستمر حول منطقة كشمير، وهو الملف الذي تعتبره باكستان قضية مصيرية ترتبط مباشرة بحق شعوب المنطقة في تقرير المصير. وهو ما أشار إليه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في لقائه، أمس، السبت، مع القناة الثانية.

ومن خلال ذلك، فالخطاب القوي الذي اعتمدته باكستان ضد القرار لم يكن موجها بشكل أساسي ضد المغرب أو مقترح الحكم الذاتي، بل كان انعكاسا لتحدياتها ومصالحها الاستراتيجية، مع الحرص على عدم منح الهند أي ذريعة للاستفادة من موقفها داخل مجلس الأمن.

وجدت باكستان نفسها في موقف صعب للغاية، وهي تشغل منصب العضو غير الدائم في مجلس الأمن، إذ أن مسودة القرار لم تتضمن أي إشارة إلى إمكانية “إجراء استفتاء لتقرير المصير للشعب الصحراوي”، بل ركزت بشكل كامل على التفاوض حول الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

هذا الموقف جاء متعارضا مع المواقف التي تتبناها باكستان في نزاعها مع الهند حول كشمير، المنطقة التي تعتبرها الهند جزءا لا يتجزأ من سيادتها، بينما تطالب باكستان بإجراء استفتاء يمنح سكان المنطقة الحق في تقرير المصير، سواء بالانضمام إلى الهند أو إلى باكستان.

من هنا، يظهر أن الخطاب القوي الذي اعتمدته باكستان لم يكن موجها أساسا لقضية الصحراء أو ضد المغرب، بقدر ما كان تعبيرا عن موقفها ضد الهند وتجاه قضية كشمير، والتي تمثل أولوية استراتيجية ودبلوماسية في سياستها الخارجية، وكان من غير الممكن أن تقبل بالقرار كما هو دون أن تُعرّض موقفها لاحقا لانتقادات أو استغلال دبلوماسي لا يخدم مصالحها.

بالنظر إلى النزاع القائم بين باكستان والهند حول كشمير، فإن أي تصويت باكستان لصالح القرار الدولي الذي يمهد للسيادة المغربية على الصحراء، كان يمكن أن تستغله الهند لاحقا للضغط على موقف باكستان في مجلس الأمن وفي المنابر الدولية الأخرى.

وهكذا، يبدو أن موقف باكستان من القرار وسيلة استراتيجية، حسب بعض القراءات لهذا الموقف، من أجل منع أي استخدام هندي لموقفها في وقت لاحق، وضمان أن يظل موقفها مرنا وقابلا لإدارة النزاع مع الهند من زاوية مصالحها الخاصة.

هذا التوجّه، وفق القراءات ذاتها، يُظهر أن القرار لم يكن مجرد امتناع بسيط، بل كان خيارا محسوبا بدقة من طرف إسلام أباد، يمزج بين محاولة الحفاظ على العلاقات مع المغرب، وإن كانت الطريقة تبدو أقل ودية، والامتناع في الوقت نفسه عن إعطاء الهند أي ورقة ضغط إضافية مستقبلا.

في ظل هذا الوضع المعقد، بدا أن أفضل خيار أمام باكستان هو الامتناع عن التصويت، وهو ما يُمكنه اعتباره من الناحية الدبلوماسية تحقيق “توازن” يتضمن بطريقة غير مباشرة، خدمة مصالح المغرب عبر عدم التصويت ضد القرار، وفي الوقت نفسه حماية موقف باكستان في قضية كشمير.

ويبدو أن الرباط تفهمت أو تتفهم هذا التوازن المعقد، ففي تصريح لوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال لقاء خاص مع القناة الثانية، أمس السبت، قال إن موقف باكستان كان مرتبطا بقضية كشمير، مضيفا أن الأهم من ذلك، أن قرار مجلس الأمن لم يصوت ضده أي طرف، وهو ما يجعل الموقف الباكستاني في خانة إيجابية بالنسبة للرباط.

وبهذا الشكل، يمكن وصف موقف باكستان بأنه امتناع استراتيجي مدروس، يوازن بين الحفاظ على العلاقات التاريخية مع المغرب، وبين حماية مصالحها في قضية كشمير، -بالرغم من النبرة القوية التي بدت وكأنها ضد القرار الذي يخدم مصالح الرباط-، حيث تجدر الإشارة إلى أن ممثلها الدائم في الأمم المتحدة، عاصم افتخار أحمد، قال في بداية الخطاب إن باكستان تولي “أهمية كبيرة لتسويته المبكرة، خصوصا وأن القضية تتعلق بأصدقاء تربطنا بهم روابط عميقة وتاريخية وأخوية”، في تلميح إلى العلاقات مع المغرب.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة