كشفت الابنة الصغرى للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، عن شعورها المتزايد باليأس من إمكانية رؤية والدها خارج أسوار السجن، موضحة أنها لم تتلق أي خبر رسمي عن وضع والدها منذ اعتقاله، رغم الرسائل والمناشدات التي وجهتها إلى عدد من الجهات الرسمية.
وقالت سبيحة صنصال في مقابلة حديثة مع “لو فيغارو تي في”، إنها وجهت في أبريل الماضي رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تجمعه معرفة شخصية بوالدها، غير أن العائلة لم تتلق أي رد من الإليزيه.
وأضافت أنها حاولت التواصل مع والدها عبر رسالة مرفقة بصور عائلية أرسلتها عن طريق السفير التشيكي بالجزائر، (على اعتبار أنها مقيمة في التشيك) لكنها تعتقد أنه لم يتسلمها قط، مؤكدة أن هذا الأمر زاد من إحساسها بالخيبة والقلق.
وأعربت الابنة عن استيائها من الجمود الدبلوماسي الذي يحيط بالقضية، معتبرة أن فرنسا لا تبذل الجهد الكافي، بينما لا تبدي الجزائر ولا حتى الجمهورية التشيكية أي تحرك ملموس، رغم أن أعمال والدها تحظى باهتمام واسع في أوروبا، وخاصة في ألمانيا وبلجيكا وتشيكيا، مطالبة بمنحه عفوا رئاسيا لأسباب إنسانية، قائلة إن “والدي مسن ومريض، ولا يوجد أي سبب لبقائه في السجن”.
وتابعت صبيحة حديثها بالقول إن قلق العائلة يزداد مع مرور الوقت، خاصة في ظل غياب أي مؤشرات على تحسن العلاقات بين باريس والجزائر أو بروز تطمينات بشأن الوضع الصحي لوالدها البالغ من العمر ثمانين عاماً، والذي لم ير حفيدتيه منذ فترة طويلة.
وقد تم توقيف بوعلام صنصال بمطار هواري بومدين يوم 16 نونبر 2024 فور عودته، قبل أن توجه إليه سلسلة من التهم الثقيلة شملت “المساس بوحدة الوطن”، “إهانة هيئة نظامية”، “التخابر مع فرنسا”، و”التشكيك في سيادة الجزائر وتاريخها”.
وبينما كان الكاتب، المصاب بالسرطان، يقضي أيامه في السجن، ازدادت حالته الصحية سوءاً ما استدعى نقله إلى المستشفى، ومع ذلك طالبت النيابة العامة الجزائرية في مارس 2025 بتشديد العقوبة إلى عشر سنوات سجناً، مستندة إلى ما قالت إنه منشورات وفيديوهات محجوزة عند اعتقاله.
في المقابل، حاول محاميه الفرنسي فرانسوا زيمراي الحضور للدفاع عنه، لكن السلطات الجزائرية رفضت منحه التأشيرة، ما دفعه إلى التوجه إلى الأمم المتحدة للتنديد بـ”غياب محاكمة عادلة”. وفي يونيو الماضي صدر الحكم الاستئنافي مثبتاً العقوبة بخمس سنوات نافذة وغرامة مالية.
ردود الفعل الدولية لم تتأخر، فقد عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في وقت سابق، عن قلقه البالغ على مصير الكاتب، فيما وصفت الخارجية الفرنسية اعتقاله بأنه “غير مبرر”، إلى جانب الاتحاد الأوروبي الذي دعا عبر مفوضه السامي جوسيب بوريل إلى إطلاق سراحه، محذراً من أن محاكمته تهدد حرية التعبير. كما استنكرت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” ما اعتبرته “تسييساً للقضاء”، وطالبت بالإفراج الفوري عنه.
وفي الداخل الفرنسي، تحولت قضية صنصال إلى ملف سياسي وثقافي شائك، إذ وجّهت شخصيات أكاديمية وأدبية رسائل مفتوحة إلى ماكرون مطالبة بالتحرك في هذا الملف، الذي تجاوز الجانب الحقوقي ليخيم على علاقات متأزمة بين الجزائر وفرنسا، والتي زادت حدة بعد قرار باريس تعليق إعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية من التأشيرات.



