أضراره تمتد للميزانية والقدرة الشرائية.. التغير المناخي يُهدِّد الاقتصاد المغربي

admin14 نوفمبر 2025آخر تحديث :
أضراره تمتد للميزانية والقدرة الشرائية.. التغير المناخي يُهدِّد الاقتصاد المغربي


يُعد المغرب من بين الدول الأكثر تعرضا لتداعيات التغيرات المناخية، لا سيما بفعل الجفاف والإجهاد المائي، مما يترتب عنه آثار سلبية على الإنتاج الفلاحي والقدرة الشرائية للأسر، وبالتالي على الطلب الداخلي. وهكذا، فإن ارتداد موجة جفاف جديدة بعد امتدادها بين 2019 و2025 قد ينعكس سلبا على مسار توطيد التوازنات الاقتصادية للمملكة في أفق السنوات الثلاث المقبلة.

ويؤثر الجفاف بشكل مباشر على عدة قطاعات حيوية في الاقتصاد الوطني، وفقا للبرمجة الميزانياتية الإجمالية لثلاث سنوات، المرفقة بمشروع قانون المالية لسنة 2026، كما يُعد القطاع الفلاحي الأكثر عرضة نظرا لاعتماده الكبير على الأمطار والموارد المائية.

ووفقا لأحدث الإحصائيات المتاحة، فإن 81 بالمئة من المساحة الزراعية الإجمالية تعتمد على التساقطات المطرية، ومن شأن ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الكبيرة في نزول الأمطار أن تؤدي إلى انخفاض المحاصيل والإنتاج، مما من شأنه أن يؤثر سلبا على دخل السكان الأكثر هشاشة بالمناطق القروية.

وموازاة مع ذلك، يواجه قطاع الماء تحديات متزايدة نتيجة للإجهاد المائي المتفاقم بسبب التراجع المستمر في معدل التساقطات وارتفاع درجات الحرارة. وتسجل السدود المغربية حاليا مستويات ملء حرجة، مما يؤثر سلبا على كل من السقي والتزويد بالماء الشروب وكذا إنتاج الطاقة الكهرومائية.

كما تنعكس هذه التداعيات سلبا على كافة القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على الماء، حيث قد تتأثر آفاق نموها بزيادة الظواهر المناخية القصوى مثل موجات الحرارة وندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.

وبالتالي فإن تأثير تغير المناخ على النمو الاقتصادي على المدى الطويل، والذي يتم لمسه من خلال تراجع إنتاجية العمل، يؤثر سلبًا على حجم المداخيل في ظل فرضية جمود النفقات، مما قد يؤدي إلى تفاقم تدريجي لعجز الميزانية، وبالتالي ارتفاع نسبة دين الخزينة.

وأسفرت تقييمات تأثير الاحتباس الحراري على النمو الاقتصادي عن انعكاس محدود نسبيا في البداية، ليتزايد مع ارتفاع درجات الحرارة وتسارع وتيرة الاحتباس الحراري، حيث سينخفض معدل نمو نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام بـ0,02 و0,04 نقطة مئوية سنويا في المتوسط، في ظل السيناريوهين المرتفع والحار جدا على التوالي.

وعلى المدى الطويل، من الممكن أن يبلغ الانخفاض التراكمي لنصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام، الناجم عن الارتفاع المتواصل لدرجات الحرارة، مستويات مهمة، مع انخفاض بنسبة 0,7% بحلول سنة 2050 بالنسبة للسيناريو المرتفع، و1,3% حسب السيناريو الحار جدا.

وفيما يخص السيناريو المعتدل، تقترب اتجاهات ارتفاع درجات الحرارة في ظل هذا السيناريو من الاتجاهات التاريخية، مما يجعل الانحرافات السلبية عن السيناريو المرجعي محدودة (- 0,002 نقطة مئوية و- 0,1 %)، في حين تأخذ قيمة إيجابية وفقا لسيناريو اتفاقية باريس (+ 0,01 نقطة مئوية و+ 0,3 %) الذي يتوقع تباطؤا في ظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بالسيناريو المرجعي.

وبالنسبة لسيناريو باريس، من المفترض أن ينخفض عجز الميزانية ونسبة دين الخزينة، على التوالي، بنسبة تقارب 0,04 و0,4 نقطة مئوية من الناتج الداخلي الخام بحلول سنة 2050 مقارنة بالسيناريو المرجعي.

وبالنسبة للسيناريوهات الثلاثة الأخرى، من المتوقع أن تكون التأثيرات على عجز الميزانية ونسبة دين الخزينة محدودة في السنوات الأولى من فترة التوقعات، ثم تزداد تدريجيا مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يعكس حساسية المالية العمومية على المدى الطويل أمام السيناريوهات المختلفة للانبعاثات.

في هذا السياق، ووفقا للسيناريو “المعتدل”، سيكون تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري محدودا، مما يؤدي إلى ارتفاع عجز الميزانية بمقدار + 0,01 نقطة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2050، وارتفاع في نسبة دين الخزينة تبلغ + 0,05 نقطة من الناتج الداخلي الخام مقارنة بالسيناريو المرجعي.

وفي ظل السيناريو “المرتفع”، من المتوقع أن يرتفع عجز الميزانية، بمقدار + 0,1 نقطة من الناتج الداخلي الخام سنة 2045 وبنسبة + 0,14 نقطة من الناتج الداخلي الخام سنة 2050. وكنتيجة لذلك، قد ينحرف معدل مديونية الخزينة عن السيناريو المرجعي بـ+ 0,7 و+1,2 نقطة من الناتج الداخلي الخام في 2045 و2050 على التوالي.

أما وفقا للسيناريو “الحار جدًا”، فمن المتوقع أن يكون تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري أكثر حدة، حيث من المفترض أن يزيد عجز الميزانية بنحو 0,3 نقطة من الناتج الداخلي الخام سنة 2050، وأن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج الداخلي الخام بمقدار 2,1 نقطة.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة