في خضم التوتر المتجدد بين باريس والجزائر، انفجر جدل سياسي واسع داخل فرنسا عقب تصريحات وزير الداخلية لوران نونيز التي دعا فيها إلى اعتماد “تعاون هادئ ولكن صارم” مع الجزائر، في محاولة لتبريد العلاقات المتوترة منذ أشهر، وهي التصريحات التي لم تلق ترحيبا من اليمين المتطرف، الذي شنّ هجوما حادا على الوزير واتهمه بالتراجع عن “الحزم المطلوب” في إدارة العلاقة مع الجزائر.
إيريك زمور، السياسي اليميني المتطرف المعروف بخطابه المعادي للمهاجرين، وجّه عبر إحدى القنوات الإخبارية سهام انتقاده نحو نونيز قائلا إن الوزير “يكرر أخطاء أسلافه ويستعد للخضوع للجزائريين”، مضيفا أن تصريحات نونيز تمثل، في نظره، اعترافا صريحا بفشل الحكومة في فرض “هيبة فرنسا” أمام الجزائر.
زمور، الذي يستعد لخوض سباق الرئاسيات المقبلة ضمن كتلة اليمين القومي، وصف الجزائر بأنها “بلد عدو اليوم”، ودعا إلى التعامل معها على هذا الأساس عبر إجراءات صارمة تشمل وقف منح التأشيرات وتجميد لمّ شمل العائلات الجزائرية في فرنسا، إلى جانب وقف تحويل الأموال عبر القنوات البنكية وشركات التحويل المالي.
وفي المقابل، سعى وزير الداخلية الفرنسي إلى الدفاع عن مقاربته، مؤكداً أن سياسة “شد الحبل” مع الجزائر فشلت، وأن فرنسا بحاجة إلى براغماتية جديدة تقوم على الصرامة المتزنة لا على التصعيد اللفظي أو المواجهة المفتوحة.
وشهدت الجمعية الوطنية الفرنسية، الأسبوع الماضي تصويتا مفصليا، أظهر عمق الانقسام داخل الطبقة السياسية، حيث صادق النواب بفارق صوت واحد فقط على مشروع قرار قدمه حزب التجمع الوطني، يدعو إلى إدانة اتفاقية 1968 التي تنظّم دخول وإقامة وعمل الجزائريين في فرنسا. القرار الذي حظي بتأييد 185 نائباً مقابل 184 معارضاً، اعتُبر أول انتصار برلماني تاريخي لحزب مارين لوبان منذ دخوله المعترك التشريعي قبل سنوات.
وقد حظي النص بدعم من أحزاب اليمين التقليدي مثل الجمهوريين وحزب آفاق، في حين عارضته الكتلة الرئاسية وأحزاب اليسار، حيث أن هذا التصويت، رغم رمزيته القانونية، يحمل دلالات سياسية عميقة، إذ يعكس صعود نفوذ اليمين المتطرف داخل البرلمان وتزايد تأثيره في رسم النقاشات المتعلقة بالهوية والهجرة والعلاقات مع دول المغرب العربي.



