تزايدت في الآونة الأخيرة في الأوساط الاسبانية مؤشرات القلق مع انتقال بعض شركات الشحن العالمية لنشاطها من موانئ إسبانيا نحو ميناء طنجة المتوسط، إلى جانب تقدم أشغال مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، الذي يتمتع ببنية تحتية متطورة يُتوقع أن تغيّر خريطة الملاحة والتجارة في المنطقة، حيث يُنظر للموانئ المغربية كمنافس مباشر لموانئ اسبانيا الحيوية، وعلى رأسها ميناء الجزيرة الخضراء، الذي يشكل شريانا رئيسيا لحركة البضائع بين أوروبا وإفريقيا.
في السياق ذاته، أعلن مانويل غافيرا، المتحدث باسم حزب “فوكس” اليميني المتطرف في إقليم الأندلس والنائب عن منطقة قادس، يوم أمس الجمعة في مؤتمر صحفي بالجزيرة الخضراء، أن المجموعة البرلمانية لحزب “فوكس” ستقدّم مبادرة تشريعية في البرلمان الأندلسي تهدف إلى وضع حد للمنافسة “غير العادلة” التي تتعرض لها الموانئ الإسبانية، خاصة ميناء الجزيرة الخضراء، أمام موانئ أخرى لا تخضع لنفس القيود وتتلقى دعمًا أوروبيا لتطوير بنيتها التحتية.
وأوضح غافيرا أن شركة الشحن الدنماركية “مايرسك” غيرت قبل عدة أشهر نشاطها من ميناء الجزيرة الخضراء إلى ميناء طنجة المتوسط، وهو التغيير الذي جاء أساسا بسبب التكاليف التي تتحملها شركات الشحن في الموانئ الأوروبية، وبالأخص الموانئ الإسبانية والأندلسية.
كما حذر غافيرا من تمويل الاتحاد الأوروبي بمبلغ 300 مليون يورو لبناء ميناء في الناظور شمال المغرب، معتبرا أنه يُشكل منافسة غير عادلة ليس فقط للجزيرة الخضراء، بل لكل موانئ الأندلس، مضيفا أن اتفاق مورينو بونيا مع منطقة طنجة لتعزيز الدعم الصناعي للمغرب بدلا من دعم المنطقة الإسبانية المطلة على مضيق جبل طارق، يزيد من تفاقم المشكلة.
وأشار غافيرا إلى أن ميناء طنجة المتوسط، خلال أقل من 20 عاما، ضاعف نشاطه مقارنة بميناء الجزيرة الخضراء، وأن التحول في مسار السفن أدى إلى انخفاض حركة السفن في هذا الأخير، وتعريض الوظائف للخطر، وتقليص الإيرادات والضرائب، فيما يضطر المصدرون الأندلسيون لدفع المزيد من الأموال وانتظار وقت أطول لتصدير منتجاتهم.
وبناءً على ذلك، سيقترح “فوكس” تحسين الربط السككي لميناء الجزيرة الخضراء لوقف تحويل حركة الشحن إلى موانئ شمال المغرب، كما يطالب الحزب بإلغاء السياسات الإيديولوجية والبيئية المفروضة من بروكسل، والتي تجبر شركات الشحن على دفع رسوم لا تُفرض على ميناء طنجة المتوسط، بما يمثل منافسة غير عادلة.
مطالب “فوكس” شملت أيضا وقف دعم بناء الموانئ المُنافِسة لموانئ الأندلس، وتطبيق سياسة موانئ وطنية تُعزز تنافسية الموانئ الإسبانية، لتفادي ما وصفه غافيرا بتراجع القدرة التنافسية للموانئ الإسبانية في السنوات الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الصحافة الإسبانية نقلت عن مسؤولي ميناء الجزيرة الخضراء أن قرار شركة “مايرسك” شكل “ضربة كبيرة” للميناء، مع توقع تداعيات سلبية على الصادرات الإسبانية نحو الولايات المتحدة، فيما يمثل ميناء طنجة المتوسط منافسا قويا تجاوز ميناء الجزيرة الخضراء في معالجة الحاويات، ويصنّف ضمن أفضل 20 ميناء عالميا.



