كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن اعتقال الصحافي الفرنسي كريستوف غليز من طرف السلطات الجزائرية بتهمة “تمجيد الإرهاب” منح حركة “MAK” التي تطالب بانفصال منطقة القبائل عن الجزائر، شهرة غير مسبوقة، بعد سنوات من بقائها محصورة ضمن دائرة المهتمين بالشأن السياسي الجزائري.
وأضافت الصحيفة الفرنسية في تقرير خاص نشرته اليوم الأحد، أن القضاء الجزائري كان قد أدان كريستوف غليز بالسجن سبع سنوات في 29 يونيو الماضي، على خلفية اتهامه بإجراء اتصالات مع حركة “MAK” المصنفة كتنظيم إرهابي من قبل الجزائر منذ سنة 2021، بينما ينتظر أن يُعقد استئنافه في الخريف المقبل.
وحسب ذات التقرير، فإن الجزائر تعتبر غليز مذنبا فقط بسبب صلاته بالحركة التي تعتبر النظام الجزائري “قوة احتلال” في منطقة القبائل، وتطالب بالاستقلال الذاتي أو الانفصال التام عنها، قبل أن يتطرق إلى تفاصيل هذه الحركة وانطلاقتها.
وأشار المصدر نفسه في هذا السياق، أن جذور هذه الحركة تعود إلى ما بعد أحداث “الربيع الأسود” سنة 2001، حين أسفرت حملة قمع الاحتجاجات ضد السلطة المركزية عن مقتل 126 شخصا في منطقة القبائل، وهو ما دفع مؤسسي الحركة إلى اقتراح نظام حكم ذاتي موسع للمنطقة في 5 يونيو من العام ذاته.
وقال فرحات مهني، رئيس الحركة، في تصريح للصحيفة الفرنسية، إنه اقتنع منذ تلك الأحداث بأن “الصراع مع الجزائر لا ينتهي”، مشيرا إلى أن مشروع الحركة وُلد من رحم تلك المرحلة الدموية، وهو اليوم يُعتبر “أكبر تهديد” لوحدة الدولة الجزائرية في نظر النظام.
وأضافت “لوموند” بأن فرحات مهني، وهو فنان سابق ونجل مقاتل في حرب الاستقلال، يعيش حاليا في المنفى بفرنسا ويحمل صفة لاجئ سياسي، بعد أن حكمت عليه الجزائر غيابيا بالسجن المؤبد، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية.
وتتهمه الجزائر، وفق المصدر نفسه، بتدبير أعمال عنف والتحريض على إشعال الحرائق التي أودت بحياة العشرات في صيف 2021، كما اعتقلت السلطات العشرات من أنصار الحركة، واتهمت بعضهم بالتخريب والتخطيط لاعتداءات.
في المقابل، نفى فرحات مهني هذه الاتهامات، وقال إن السلطات الجزائرية شنت “حملة شيطنة” ضد الحركة لإثارة سكان القبائل وتحفيزهم على العنف لتبرير القمع، مؤكدا أن حركته “سلمية” رغم الظروف الصعبة التي مرت بها.
ولفتت “لوموند” إلى أنه منذ سنة 2013 قررت الحركة تبني خطاب تقرير المصير وتشكيل “حكومة منفى”، كما وسعت أنشطتها إلى الأمم المتحدة، حيث تحدثت سنة 2008 باسم الشعوب الأصلية، وتطالب اليوم بتنظيم استفتاء في منطقة القبائل.
وقال مهني إن “الجزائر ليست أمة، بل كيان استعماري يضم شعوبا مختلفة”، مقترحا قيام دولة قبائلية مستقلة تكون “فرنكوفونية وصديقة لفرنسا”، وتعتبر “الحليف الأفضل لباريس في جنوب المتوسط”، إذا ما أيدت أغلبية السكان هذا الخيار.
وذكرت “لوموند” أن الحركة تتلقى دعما من الجالية القبائلية في فرنسا، ومن نواب أوروبيين، وتسعى عبر محامية أمريكية إلى نقل ملفها إلى الكونغرس الأمريكي، فيما تنفي (أي الحركة) اتهامات بتلقي أموال من المغرب، وتقول إنها تعتمد على مساهمات أعضائها ومؤيديها فقط.



