الإصلاح.. في إصلاح التعليم – الصحيفة

admin3 نوفمبر 2025آخر تحديث :
الإصلاح.. في إصلاح التعليم – الصحيفة


[في خضم إحياء الذكرى الخمسين لحدث المسيرة الخضراء التي تُوجت بعودة الأقاليم الجنوبية إلى حضن الوطن الأم، وفي أجواء احتفالات المغاربة بـ”جمعة النصر”، نصر الحادي والثلاثين من أكتوبر الذي طالما انتظره المغاربة وترقبوه، والذي تم فيه إقرار مجلس الأمن بمغربية الصحراء وتزكية الحكم الذاتي لها في إطار السيادة المغربية مما أضفى بهجة وسعادة بالغتين اجتمع عليهما المغاربة، كل المغاربة، قمة وقاعدة، بل وشملت أيضاً كل من رأوا فينا إخوة وأهلا وأحبة وحلفاء لهم من أصقاع شتى.. شرقاً وغرباً، شمالا وجنوباً.

في هذا الخضم، لابد من أن يكون ما نسعد به دافعاً لنا ومحركاً وحافزاً للنقد الذاتي البناء، وللحديث عما هو واجب علينـــا كأمة حية..]

حينما تنهض الأفئدة صائحة مستنكرة وضع التعليم المزري على مختلف الواجهـــات والأوجه، إنما تدق جرس إنذار في وجه من “فـازوا” بأصوات الآباء والأمهـات والإخوة والأخوات أن التفتوا إلى مسألة التعليـم.. لا، بل إلى معضلة التعليم ببلدنا و”بلدكم”،هذا التعليم الذي – يفترض أن – يمثل في الواقع البنية التحتية لكل القطاعات ولكل الخدمات، ولكل ألوان الوطن.

الحديث هنا لا يلغي وجوب الإصلاح شموليـاً ليستهدف كافة القطاعـات الحيوية وبنفس الحرص وذات الجدية والحزم، لكنه لا يلح على وجـوب تخصيص آلاف الملايير من الدراهم بالضرورة، فذاك جانب آخر، تناوله المجلس الوزاري الأخير (ليوم الأحد 19 أكتوبر 2025) بالتفصيل مع المعنيين والمكلفين والمختصين، وهو ما نامل أن يتوج بالسداد.

حديثنا، بالقدر الذي يتوجه إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المعنية الأساس، يتوجه أيضاً إلى وزارة الداخلية، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالإضافة طبعاً إلى المجالس المحلية، وجمعيات المجتمع المدني.. 

حديثنـا ها هنا يشير بالأصبع إلى بعض مكامن الداء وبعض الملوثـات المستشرية في الجسم التعليمي ومحيطه، والتي لا تنذر إلا بالخراب وكل سوء ومعرة إن لم يتم الانكبـاب عليها بالمتابعة الصارمة والتصحيح الجدي بكل روح المسؤولية وروح الوطنية.

والأمر يتعلق، باختصار، بثلاث مظاهر معوقة للتنمية التعليمية.. وهي:

ظاهرةدروسالدعم، الطاغية في المشهد “التعليمي” بشكل مهول ومذهل، حتى بات كثير من الأساتذة – بالتعليم الثانوي التأهيلي على الخصوص – يعمدون إلى الشرح المفصل داخل إطار ما يسمى “دروس الدعم”، في مقابل الاكتفـاء داخل حصصهم الرسمية بالحضور الجسدي دون أي شيء آخر مفيد (…) وهذه حقيقة يدركها – بكل أسف – الخاص والعام حتى باتت مألوفة “طبيعية” ! فهل نحن بصدد “تعليم عمومي” فعلا، أم هو الشكل فقط، وحقيقته أن التعليم خُصْخِصَ بالإكراه !

ظاهرةالتنمرعلىالأستاذ..، وهذا من أوجه الاستخفـــاف بالقيم، كل القيم، المؤسس عليها مجتمعنا المغربي (بالنظر للدين، والتاريخ، والبيئة، والعرف..)، والارتداد على أصول التربية ومنطوق القانون..، فأين القانون؟ وما موقع حُرمة المؤسسة التعليمية وقدسيتها أمام هذا التطاول على رمزية “المعلم” بالتعنيف اللفظي والجسدي بمنتهى الجرأة و.. الاطمئنان؟ !!!

مظاهرالانحرافالمخجلةبجوانبالمؤسساتالتعليمية (الإعدادية والتأهيلية منها بخاصة)، المتمثلة في التحرشات والاستفزازات بمختلف الأوجه والترويج والتعاطي للمخدرات وغير ذلك من المساوئ..، والتي تتناسل يوماً عن يوم بشكل مخيف مما يمثل لغواً مجتمعياً مُفسِداً لطمأنينة السمع والبصر، بينما المؤسسات المعنية  وجمعيات الآباء والأولياء.. كأنها غير آبهة فيما يبدو، أو كأن الأمر شيء هين ( !)

هذه عناوين واضحة وصريحة لتخلف بَيِنٍ متصل بمنظومتنا التعليمية، ولا علاقة له بقيمنـا ولا بأعرافنـا ولا بقوانيننـا ولا بطموحنـا، ونحن المتعلقين بمصداقية بلدنـا وسمعة بلدنـا وصيت بلدنـا الإيجابي، سياسيا واقتصاديا وثقافيا..، هذه الملوثــات التي تكرس اليأس والتخلف والفقر بشمولية مسيئة يمثل جانب منها تلكم القطرة التي تفيض كأس السخط على مجمل السياسة التعليمية، ويؤسس الباقي منها لشذوذ يتضح – وقد اتضح – من خلال ما انبثق من انحراف عن مسيرات احتجاجية كان هدفها – المفترض – السعي للمطالبة بإصلاح قطاعات اجتماعية محددة. 

لذلك، فالنية إن صدقت في الرغبة في الإصلاح، فإن ما ورد أعلاه يبدو ذا أولوية قصوى، بل هو الباب الأساس والحقيقي لكل إصلاح جاد ومسؤول، وإلا سنظل نجتر الفشل..

الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة