أكد السفير الباكستاني لدى المغرب، عادل جيلاني، أن امتناع بلاده عن التصويت في مجلس الأمن الدولي على خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب لحل نزاع الصحراء لا يعني أي موقف سلبي من المقترح المغربي، مشيرا إلى أن باكستان دأبت دائما على دعم وحدة الأراضي المغربية مع احترام الإجراءات المعتمدة في الأمم المتحدة.
وفي مقابلة أجرتها معه اليوم صحيفة Morocco World News الناطقة بالإنجليزية، شدد السفير جيلاني على أن موقف باكستان كان دائما إيجابيا ولم يكن سلبيا مطلقا، مضيفا أن بلاده ترى الصحراء جزءا من المغرب، مؤكدا أن هذا الموقف مبدئي وثابت، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام قرارات الأمم المتحدة المعمول بها.
أما سبب الامتناع، فقد قدم السفير تفسيرا واضحا، قائلا إن لكل دولة نزاعات إقليمية داخلية تتطلب التعامل معها بحذر، فالصين تواجه قضايا متعلقة بتايوان، وباكستان لها نزاع في كشمير، وروسيا تواجه توترات في أوكرانيا ونزاعات حدودية أخرى.
وأوضح الدبلوماسي الباكستاني أن التصويت لصالح القرار كان سيضع باكستان في موقف صعب مع الجزائر، التي تدعمها حاليا في نزاعها مع الهند، بينما يسمح الامتناع بالحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف المعنية بالنزاع، كما أشار إلى أن التصويت لصالح القرار كان سيضع باكستان في مواجهة مباشرة مع نيودلهي، إذ كان يمكن أن تستخدمه الهند ضدها في أي مواجهة قانونية مستقبلية بين البلدين.
وأضاف جيلاني أن الصين لا تستطيع دعم أي إجراء يتعارض مع مصالحها، وأن باكستان لديها نزاعها في كشمير، وروسيا تواجه مشاكل في أوكرانيا ونزاعات حدودية أخرى، لذلك لم يكن بالإمكان التصويت مباشرة لصالح القرار، لكنه شدد على أن الامتناع لا يعني معارضة، مشير إلى أن عدم التصويت ضد القرار يعني دعما فعليا للمشروع، ومتى اعتمد القرار يصبح ساري المفعول ويلزم جميع الدول الالتزام به.
وكشف السفير أن وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عقد اجتماعات مع نظيره الباكستاني، إسحاق دار، في الأمم المتحدة خلال اجتماعات حول قضية غزة في أواخر شتنبر وبداية أكتوبر، كما جرت مكالمة متابعة يوم 20 أكتوبر بتنظيم من السفير بين الوزيرين.
وأشار جيلاني إلى أن دعم باكستان للمغرب يعود إلى فترة الاستقلال، موضحا أن بلاده لعبت دورا في عام 1952 لتسريع تحرير المغرب من الاستعمار الفرنسي، كما أوضح أن الصحراء ظلت تحت السيطرة المغربية لأكثر من ألف عام، وأن النزاع الحالي نشأ نتيجة تدخل القوى الاستعمارية الفرنسية والإسبانية التي أحدثت تقسيمات على هذا الإقليم.
جدير بالذكر أنه في أول ظهور إعلامي له منذ تعيينه سفيرا لإسلام آباد بالرباط، خصّ عادل جيلاني جريدة “الصحيفة” بحوار تناول فيه موقف بلاده من التصعيد العسكري مع الهند، وموقفها من نزاع الصحراء، حيث أعلن أن بلاده تعمل على مراجعة موقفها من قضية الصحراء، مضيفا “نُقر بالتنمية والازدهار الذي حققه المغرب في المنطقة”.
وخلال حواره مع “الصحيفة”، لم يقتصر السفير على خطوط النار، بل مدّ جسورا واضحة باتجاه الرباط، كاشفا عن انطلاقة واعدة في العلاقات الثنائية تشمل الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا، وملوحا بتحوّل إيجابي محتمل في موقف بلاده من قضية الصحراء، حين أقر بأن “التنمية والازدهار في الأقاليم الجنوبية أمر واقع”، وشدد على أن أي حل تحت مظلة الأمم المتحدة وبتوافق جميع الأطراف سيكون محل قبول في إسلام آباد.
وأضاف جيلاني أن التعاون بين البلدين قائم على فهم تاريخي وثقافي لأولويات بعضهما البعض، وهو في تطور ملحوظ، وقد تم الاتفاق بشكل متبادل على توسيع نطاق التعاون وتعزيزه ليشمل جميع الجوانب المهمة للشراكة الثنائية.
وبخصوص موقف باكستان من مبادرة الحكم الذاتي، قال السفير إن أي قضية لا توجد لها حلول دائمة، وأن سياسة بلاده تجاه هذا الملف قيد المراجعة، مؤكدا التقدير للتنمية والازدهار الذي حققه المغرب في الصحراء، وأن أي حل مقبول لجميع الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة سيكون مقبولاً لدى إسلام آباد أيضا.



