كشف التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول قضية الصحراء المغربية، الذي يُغطي بين 31 أكتوبر 2024 و30 شتنبر 2025 عن معطيات جديدة تتعلق بالأوضاع الميدانية شرق الجدار الرملي، حيث رصد وقوع غارات جوية شنتها القوات المسلحة الملكية المغربية ضد عناصر جبهة البوليساريو، أسفرت، حسب رواية وسائل إعلام صحراوية، عن مقتل 21 شخصا وإصابة 7 آخرين.
وأوضح التقرير، الذي صدر رسميا على الموقع الرسمي الإلكتروني للأمم المتحدة يوم أمس الأربعاء، أن جبهة البوليساريو رفضت السماح لبعثة الأمم المتحدة “المينورسو” بالتحقيق في هذه الحوادث” التي تحدثت عنها مصادر محلية، رغم الطلبات التي تقدمت بها البعثة للاطلاع على الوقائع ميدانيا دون أن يؤذن لها بالقيام بذلك.
وأشار تقرير غوتيريش في الفقرة رقم (21) إلى أن ما تم تداوله أفادت بوقوعه مصادر محلية، حيث تحدثت عن تسع غارات إضافية نُفذت بطائرات مسيرة ضد قوات البوليساريو، معظمها في المنطقة الجنوبية الشرقية بالقرب من “ميجك”، وهي منطقة تعرف أيضا أنشطة تعدين حرفية، مضيفا أن الجبهة لم تأذن للبعثة بالتحقيق في أي من هذه الحوادث.
كما كشف التقرير، في الفقرة رقم (22)، أن الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة وجه رسالة إلى الأمين العام في يونيو الماضي، أكد فيها وجود عناصر مسلحة من جبهة البوليساريو في مواقع التعدين الحرفي شرق الجدار الرملي، وهي المناطق التي تصر الجبهة على وصفها بأنها “مواقع مدنية”.
ومن المرتقب أن يناقش مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر الجاري، محتوى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والتصويت بالموافقة أو الرفض على ملمتمسه بتمديد تواجد بعثة “المينورسو” في الصحراء لسنة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن تقرير غوتيريش يتضمن تفاصيل أيضا عن أخطر حادث واجهته بعثة “المينورسو” منذ استئناف الأعمال العدائية في الصحراء أواخر سنة 2020، حيث رصدت البعثة في 27 يونيو الماضي أربعة انفجارات ناجمة عن إطلاق صواريخ بالقرب من موقع تابع لها بمنطقة السمارة، أحدها سقط على بعد نحو 200 متر فقط من مقر الفريق الأممي.
وأكد التقرير أن الحادث لم يسفر عن إصابات، لكنه كان الأقرب من نوعه إلى منشأة تابعة للبعثة منذ تجدد المواجهات المسلحة بين جبهة البوليساريو والقوات المغربية قبل خمس سنوات، مشيرا إلى أن البعثة خلصت إلى أن الصواريخ الأربعة، من عيار 122 ملم، أطلقت من مسافة تقدر بـ40 كيلومترا شرق الجدار الرملي، أي من المناطق التي تنشط فيها ميليشيات البوليساريو المسلحة.
وذكر التقرير أن الممثل الخاص للأمين العام وقائد القوة الأممية وجها رسالتين منفصلتين إلى قيادة البوليساريو للتعبير عن القلق العميق من الحادث، ودعوتها إلى وقف الأعمال العدائية، مشيرا إلى أن رد الجبهة لم يتضمن أي اعتراف أو نفي بمسؤوليتها عن الهجوم.
في المقابل، أكد التقرير أن قائد المنطقة الجنوبية في الجيش المغربي راسل قائد بعثة “المينورسو”، معتبرا أن الحادث يشكل “عملا إجراميا وإرهابيا” نفذته عناصر البوليساريو ضد البعثة الأممية.
وأوضح التقرير أيضا أن جبهة البوليساريو واصلت رفضها السماح لبعثة “المينورسو” بتنفيذ طلعات جوية بالمروحيات شرق الجدار الرملي، وهو الرفض الذي يستمر منذ نونبر 2020، ما يعيق قدرة البعثة على مراقبة الوضع الميداني.
ومن الجانب السياسي، رصد التقرير التطورات المتعلقة بمسار الحل السياسي للنزاع خلال الفترة من أكتوبر 2024 إلى شتنبر 2025، مبرزا تزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب كحل عملي وواقعي للنزاع.
كما أشار التقرير إلى مواقف دولية جديدة تدعم المبادرة المغربية، من ضمنها الموقف البريطاني الذي أكد دعمه العلني لمبادرة الحكم الذاتي، في سياق الجهود الأممية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي ودائم.



