نفى وزير الشؤون الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، أمس السبت، خبر إقدام جمهورية مالي على رفع شكوى ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية على خلفية حادثة إسقاط طائرة استطلاع مسيرة، قرب الحدود الجنوبية المشتركة، رغم إعلان باماكو ذلك بشكل رسمي، مدافعا عن قرار بلاده ضرب المسيرة، في سياق الأزمة المتفاقمة بين البلدين.
وأوضح عطاف، خلال ندوة صحفية عقدها بمقر وزارة الخارجية في العاصمة الجزائرية، أن بلاده تواصلت بشكل مباشر مع محكمة العدل الدولية، التي أكدت رسميا عدم تلقيها أي ملف أو دعوى قضائية من باماكو في هذا الشأن، مضيفا أن ما أقدمت عليه الجزائر يدخل في إطار ممارسة “حقها المشروع” في حماية “سيادتها الوطنية وأمنها الإقليمي، والتصدي لأي اختراق جوي من شأنه تهديد استقرارها”.
وكانت وكالة رويترز للأنباء قد نشرت قبل أسابيع تقريرا يفيد بأن مالي تقدمت بشكوى ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بما وصفته بـ”العدوان”، إثر إسقاط الدفاعات الجزائرية لمسيرة استطلاع قالت باماكو إنها تابعة لقواتها المسلحة، وذلك ليلة 31 مارس الماضي بالقرب من منطقة تين زاوتين بإقليم كيدال شمال مالي.
وبحسب رواية باماكو التي تناقلتها وسائل إعلام دولية، فقد اعتبرت الحكومة المالية أن الحادث يدخل في إطار “سلسلة من الأعمال العدائية” التي تهدف إلى عرقلة عمليات الجيش المالي ضد جماعات مسلحة تنشط في الشمال، مشددة على أن ما وقع يمثل انتهاكا لمبدأ عدم اللجوء إلى القوة، ومطالبة الجزائر بتقديم أدلة حول مزاعم اختراق الطائرة مجالها الجوي.
ويأتي هذا الجدل في سياق دقيق يتسم بفتور العلاقات بين مالي والجزائر خلال الأشهر الأخيرة، خاصة بعد إعلان المجلس العسكري المالي في بيان سابق، إنهاءه لاتفاق السلام بالجزائر مع المتمردين الانفصاليين الطوارق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في عام 2015، متهمًا الجزائر بأعمال عدائية وبالتدخل في شؤون البلاد الداخلية.
وفي 4 شتنبر الجاري، أعلنت سلطات مالي أنها توجهت إلى محكمة العدل الدولية، لمقاضاة الجزائر بخصوص واقعة إسقاط إحدى طائراتها المسيرة داخل الأراضي المالية، وذلك وفق بلاغ أصدره الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية، الجنرال عبد اللاي مايغا، أمس الخميس.
وعبر البلاغ، أخبرت الحكومة الانتقالية في مالي الرأي العام، أنها أودعت، بتاريخ الخميس 4 شتنبر 2025، لدى محكمة العدل الدولية، عريضة افتتاحية للدعوى ضد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وذلك في سياق الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة بين البلدين بسبب إسقاط الطائرة المُسيرة منذ أبريل الماضي.
ويأتي هذا الإجراء، وفق باماكو، على خلفية “التدمير المتعمد من طرف النظام الجزائري لطائرة استطلاعية بدون طيار، تحمل الترقيم TZ-98D، تابعة للقوات المسلحة وقوات الأمن المالية، وذلك ليلة 31 مارس إلى فاتح أبريل 2025، في منطقة تينزواتين بإقليم كيدال”.
وعادت الحكومة الانتقالية إلى مضمون بلاغها رقم 73 الصادر في 6 أبريل 2025، وكذلك مختلف طلباتها التي قالت إنها “بقيت دون رد إلى غاية اليوم”، والتي تمثلت في “مطالبة السلطات الجزائرية بتقديم الأدلة القاطعة حول مزاعم انتهاك الطائرة المذكورة لمجالها الجوي”.
وشددت السلطات الانتقالية أن تدمير الطائرة داخل الأراضي المالية يشكل “عدوانًا وعملاً عدائيًا وغير ودي واستعلائيًا من الجزائر”، كما يمثل “خرقًا واضحًا لمبدأ عدم اللجوء إلى القوة وعملاً من أعمال العدوان، استنادًا إلى القرار A/RES/29/3314 الصادر في 14 دجنبر 1974 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذا المقتضيات ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة، والعمل التأسيسي للاتحاد الإفريقي وميثاقه لعدم الاعتداء والدفاع المشترك”.
واعتبرت سلطات مالي أن “هذا الاعتداء الصارخ، الذي تندد به الحكومة بشدة، والذي كان هدفه عرقلة جهود تحييد الجماعات المسلحة الإرهابية من قبل القوات المسلحة والأمن المالي، يمثل ذروة سلسلة من الأفعال العدائية والممارسات الخبيثة التي طالما نددت بها السلطات المالية، ويكشف بوضوح عن التواطؤ غير سليم بين الإرهابيين والنظام الجزائري الذي يوفر لهم الحماية”.
وخلصت الحكومة الانتقالية إلى أنها، من هذه الدعوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، تجدد المرحلة التأكيد على “الضرورة الملحة لأن تكف الدول الراعية والمصدرة للإرهاب في الساحل عن تهديد السلم والأمن الإقليميين، وأن تعمل بحسن نية للمساهمة في الاستقرار، باعتباره الضامن الوحيد للأمن الجماعي والتنمية المستدامة”، وفق نص البلاغ.



