أوضح تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، أن تصويت مجلس الأمن على مسودة قدمتها الولايات المتحدة، بصفتها الحاملة للقلم داخل المجلس، يأتي في وقت تحتفل فيه الدول المغاربية بالذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء، التي شكلت نموذجاً للسلام عبر الوسائل السلمية، مسجلا أن مفهوم الحكم الذاتي، كما أقرته الأمم المتحدة، يمثل صيغة قانونية وسياسية لمشاركة الشعوب في حكم نفسها، وهو تطبيق عملي لمبدأ الديمقراطية، من خلال ممارسة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وأشار الحسيني إلى أن مشروع الحكم الذاتي المغربي، الذي قدم للمجتمع الدولي منذ 2007، لم يكن نتاج فاعل سياسي وحيد، بل تم وضعه بتشاور مفتوح مع العديد من الدول الصديقة والشقيقة، ليكون نموذجاً مطابقاً لقواعد القانون الدولي، ويضمن ديمقراطية جهوية حقيقية، مؤكدا أن هذا المشروع لا يقتصر على إقليم الصحراء فقط، بل يرتبط بمفهوم الجهوية المتقدمة، ويشكل خطوة نحو نظام فيدرالي يحقق مردودية عالية في آلية اتخاذ القرار، كما هو الحال في العديد من البلدان المتقدمة.
وأضاف أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس أن تطبيق الحكم الذاتي يأتي استجابة لطموحات المجتمع الدولي، مع مراعاة الشأن الداخلي للمغرب، موضحاً أن الاستراتيجية المغربية ترتكز على محورين: الأول يتعلق بسرعة اعتماد المشروع من قبل مجلس الأمن، والثاني يرتبط بالتحديات العملية لتطبيق الحكم الذاتي، مثل تنظيم السلطات المحلية، وضمان مشاركة السكان في اتخاذ القرار، وإدارة عودة السكان، ونزع السلاح، وضبط الأمن والاستقرار في الإقليم.
وأشار الحسيني، في مداخلة له خلال ندوة نظمتها لجنة الوحدة الترابية لحزب الاستقلال، إلى أن المغرب يسعى من خلال هذه الاستراتيجية إلى طي صفحة الماضي والدخول في مرحلة جديدة، تكون فيها مقترحات ومفاوضات مجلس الأمن محدودة بوضوح، مع التأكيد على أن الحكم الذاتي سيكون الورقة الأساسية لأي مفاوضات مستقبلية.
وأوضح أن تطورات الاعتراف الدولي بالسيادة المغربية على الصحراء، من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، تؤكد أن الحكم الذاتي هو الحل الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار، وأن نحو 120 دولة ترى فيه الوسيلة المثلى لإنهاء النزاع.
كما تطرق أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس في الندوة التي اختير لها عنوان “الحكم الذاتي آلية لتقرير المصير” إلى موقف الصين وروسيا، مشيراً إلى أن أي منهما لم يستخدم حق الفيتو في هذا الملف، وأن علاقات المغرب المتفوقة مع كل منهما، خصوصاً بعد اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع روسيا 2016، تعزز فرص نجاح المشروع، رغم التعقيدات المرتبطة بالعودة ونزع السلاح وتنظيم السلطات المحلية، والعفو العام، وتأطير الأمن والاستقرار في الإقليم.
واختتم الحسيني حديثه بتأكيد ضرورة تفكير جميع الفعاليات المغربية – أحزاباً سياسية، ومؤسسات مجتمع مدني، وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين وجامعيين – في هذا المستقبل، لضمان أن تكون قضية الصحراء جزءاً من بناء المغرب الكبير، كفاعل رئيسي في المنطقة، وليس مجرد موضوع للعلاقات الدولية فقط.



