تتوقع الحكومة أن يستمر تحسن مؤشر مديونية المغرب خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك بفضل تسجيل معدل نمو سنوي يفوق 4% وكذا التحكم في عجز الميزانية، مطمئنة إلى أن هيمنة الدين الداخلي والمقوم بالدرهم عوامل من بين أخرى تحافظ على استدامة الدين العمومي.
وتم إعداد السيناريو المرجعي لتطور مؤشر المديونية بناءً على الفرضيات الماكرو-اقتصادية والميزانياتية المعتمدة في إطار البرمجة الميزانياتية ثلاثية السنوات 2026-2028، أي بالأخص تسجيل نمو اقتصادي سنوي في حدود 4,2% في المتوسط، وحصر عجز الميزانية في 3% من الناتج الداخلي الخام.
وحسب هذا السيناريو، من المتوقع أن يتّبع مؤشر دين الخزينة منحى مرجعيا تنازليا خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2026 و2028، حيث سينتقل من حوالي 67 بالمئة في 2025 إلى ما يقرب %66 من الناتج الداخلي الخام سنة 2026، ليستقر في حدود 64% في أفق سنة 2028.
وخلال هذه الفترة، من المنتظر كذلك أن يساهم تطور الناتج الداخلي الخام في خفض نسبة الدين بحوالي 4 نقاط مئوية للناتج الداخلي للإجمالي في المتوسط السنوي، في حين يُتوقع أن يُساهم عجز الميزانية في رفع هذه النسبة بنحو 3 نقاط مئوية كل سنة.
وجاء في تقرير البرمجة الميزانيات متعددة السنوات، برسم الفترة الممتدة من 2026 إلى 2028، الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، أن مؤشر المديونية انخرط خلال السنوات الأخيرة في مسار تنازلي حيث انتقل من 71,4% من الناتج الداخلي الخام بمتم سنة 2022 إلى 67.7% بمتم سنة 2024، وهو ما يشكل تراجعا ملموسا راوح 3.7 نقطة مئوية.
ومن المتوقع أن يتواصل هذا التطور الإيجابي خلال سنة 2025 حيث سيسجل هذا المؤشر انخفاضا بحوالي 0.3 نقطة مئوية ليستقر في حدود 67,4%.
وفي إطار البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات 2026-2028، ستحافظ مديونية الخزينة على استدامتها، وسيساهم هذا التطور في توفير الهوامش المالية اللازمة لمواكبة الأوراش الهيكلية الكبرى، مع الحفاظ في الوقت ذاته على منحى تنازلي لمؤشر مديونية الخزينة في حدود 64% من الناتج الداخلي الخام في أفق سنة 2028.
ويرتكز تقييم استدامة دين الخزينة على تحليل بنية محفظته ومسار تطور مؤشر المديونية بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام وتعد البنية السليمة لهذه المحفظة، والتي تتسم بتحكّم متواصل في مستويات المخاطر المالية، إضافة إلى المسار التنازلي المستوى مؤشر المديونية من أهم المقاييس الدالة على مدى استدامة هذا الدين وقابلية استمراره.
وبخصوص محفظة دين الخزينة؛ يُظهر تحليل بنيتها عند متم يونيو 2025، والمبني على أساس تقييم مؤشرات مخاطر إعادة التمويل وتقلبات أسعار الفائدة والصرف، أن هذه الأخيرة تظل في مستويات متحكّم فيها. ويُعزى ذلك إلى هيمنة الدين الداخلي الذي يُشكل حوالي 74% من إجمالي الدين، والذي يبقى معظمه تجاه قاعدة واسعة ومتنوعة من الدائنين المحليين.
كما يعزى إلى مستوى المدة الزمنية المتوسطة المتبقية لسداد الدين الذي يبلغ ثماني سنوات وشهرًا واحدًا، وحصة الدين ذي الأمد القصير التي لا تتجاوز 12% من إجمالي الدين، وهو ما يحدّ من تعرُّض محفظة الدين لمخاطر إعادة التمويل. وكذا إلى عمق السوق الداخلية، واللجوء منذ سنة 2011 إلى عمليات التدبير النشيط للدين الداخلي بهدف تليين جدول استحقاق الدين، وكذا طبيعة جداول سداد القروض الخارجية والتي تتميز بكون أقساطها تتوزع طوال مدد السداد.
وأشارت الوثيقة إلى غالبية الدين ذي سعر الفائدة الثابت والذي مثل أكثر من 90% من إجمالي دين الخزينة بمتم يونيو 2025 مقابل ما يناهز 89% متم 2024، مما مكن من الحفاظ على حصة الدين ذي سعر الفائدة المتغير في حدود لا تتجاوز 10%، ما يؤكد مواصلة التحكم في مخاطر أسعار الفائدة، علما أن المدة الزمنية المتوسطة المتبقية لسداد الدين تبقى طويلة الأمد.
وأخيراً فإن هيمنة الدين المقوم بالدرهم الذي يمثل حوالي 73% من إجمالي الدين متم يونيو 2025 يساهم في التقليص من أثر تقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية على حجم وخدمة دين الخزينة، الناجمة عن الدين الخارجي للخزينة والذي تتسم بنيته حسب العملات بتقاربها مع سلة الدرهم.



