أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، من مدريد اليوم، أن العلاقات المغربية-الإسبانية تجاوزت مرحلة حسن الجوار التقليدية لتدخل حقبة جديدة قوامها “الشراكة الاستراتيجية المستدامة”، معتبرا أن ما تم رسمه كطموح سياسي سنة 2022، بات اليوم واقعا ملموسا تؤطره الرؤية المتبصرة لقائدي البلدين، الملك محمد السادس والعاهل الإسباني فيليبي السادس، مما منح العلاقات الثنائية مناعة قوية ضد التقلبات الظرفية.
وقال أخنوش، في كلمته خلال الاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا، أن الدينامية الحالية ليست وليدة الصدفة، بل نتاج لإعادة تنظيم شاملة لمعالم التعاون، منوها بالموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية، الذي وصفه بالموقف المتسم بـ”الوضوح والثبات” والمنسجم مع قرارات مجلس الأمن.
وأبرز أن هذا الموقف يتجاوز بعده الثنائي ليشكل “عاملاً مهيكلاً” للاستقرار في الفضاءين المتوسطي والأطلسي، مؤكدا أن التقاطع الاستراتيجي بين البلدين، وموقعهما الجغرافي الفريد، يجعلهما حلقة وصل لا غنى عنها تربط أوروبا بإفريقيا، وتساهم في تحصين الأمن الإقليمي أمام التوترات الجيوسياسية المتسارعة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قدم أخنوش أرقاما دالة تعكس متانة الشراكة بين الجانبين، حيث حافظت إسبانيا للسنة العاشرة على التوالي على موقعها كأول شريك تجاري للمغرب، بحجم مبادلات سنوية تخطى عتبة 24 مليار يورو. إلا أن رئيس الحكومة لم يقف عند حدود الأرقام، بل اعتبر أن الهدف الأسمى وفق الرؤية الملكية، هو خلق “فضاء اقتصادي مندمج”.
وأشار المتحدث، إلى أن آلاف المقاولات في البلدين حولت الجوار الجغرافي إلى فضاء حقيقي للفرص، مما يعزز القدرة الجماعية على مواجهة التحديات العالمية المرتبطة بسلاسل التوريد واللايقين الطاقي.
وتوقف عند دلالات التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، معتبراً أن هذا المشروع يتخطى الإطار الرياضي ليشكل برهانا قويا على “الثقة المتبادلة”. وربط أخنوش، هذا الحدث بالرؤية الأطلسية للمملكة، حيث تعتبر إسبانيا شريكا فاعلا في هذا الفضاء الحيوي.
واختتم رئيس الحكومة رؤيته بالتأكيد على البعد الإنساني، مشيدا بدور الجالية المغربية في إسبانيا (قرابة مليون نسم) ونظيرتها الإسبانية في المغرب، كجسور بشرية تمنح هذه الشراكة عمقاً اجتماعيا وثقافيا، مع التأكيد على مواصلة التنسيق الأمني والمسؤول في ملفات الهجرة ومحاربة الاتجار بالبشر، لضمان استقرار وازدهار ضفتي مضيق جبل طارق.



