العد العكسي لحكومة أخنوش.. حصيلة مثقلة بالوعود، شارع غاضب، والأحزاب تشهر أسلحتها للظفر بحكومة المونديال وسط تراجع شعبية الأحرار

admin9 سبتمبر 2025آخر تحديث :
العد العكسي لحكومة أخنوش.. حصيلة مثقلة بالوعود، شارع غاضب، والأحزاب تشهر أسلحتها للظفر بحكومة المونديال وسط تراجع شعبية الأحرار


مع انقضاء العطلة الصيفية وبدء العد التنازلي لانطلاق الدورة السياسية الخريفية، تجد حكومة عزيز أخنوش نفسها أمام سنة استثنائية هي الأخيرة في عمر الولاية الحالية قبل أن يحل موعد الانتخابات التشريعية لسنة 2026، التي يراهن كثيرون على أنها ستفرز ما صار يُصطلح عليه في الكواليس السياسية بـ”حكومة المونديال”، وهو التوصيف الذي يعكس الرهانات الكبرى التي تحيط بالاستحقاق المقبل، في ظل انتظار داخلي وخارجي لما ستسفر عنه النتائج من توازنات جديدة على رأس السلطة التنفيذية، وما إذا كان حزب التجمع الوطني للأحرار سيتمكن من الحفاظ على موقعه القيادي أو سيتراجع لصالح منافسيه بعدما فقد الكثير من شعبيته.

ويحمل الدخول السياسي لهذه السنة في طياته أكثر من مجرد عودة إلى قبة البرلمان أو عقد المجالس الحكومية الدورية إذ يمكن اعتباره بمثابة معركة تمهيدية مفتوحة، ستشكل فيها ملفات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وقضايا التعليم والصحة والشغل، أوراق ضغط أساسية ستُستثمر بعناية من طرف مكونات الأغلبية والمعارضة على حد سواء، سيما وقد تحول الإعداد للانتخابات المقبلة تحت إشراف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وبتوجيه ملكي إلى رهان تنظيمي وإجرائي ومحور استراتيجي سيطبع النقاش العمومي خلال الأشهر المقبلة، خصوصا في ظل تصاعد حالة الترقب الشعبي وتزايد الضغط من أجل محاسبة الحكومة على حصيلة خمس سنوات من التدبير.

وفي قلب هذه المعادلة، يقف “حزب الحمامة” بزعامة عزيز أخنوش مدفوعا برغبة جامحة في تأمين ولاية ثانية على غرار سابقيه في العدالة والتنمية تتيح له تثبيت مشروعه السياسي والاقتصادي، بينما يترقب حليفه حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري فرصته للانقضاض على الصدارة، مدعوما بشبكة نفوذ محلية وإقليمية لا يستهان بها، أما حزب الاستقلال، بزعامة نزار بركة، فيبدو أكثر إصرارا على استعادة موقعه التقليدي في قيادة السلطة التنفيذية، معولا على رصيد رمزي وتاريخي، وعلى خطاب نقدي يستهدف ما يعتبره “إخفاقات الأغلبية الحالية” التي هو جزء منها على أية حال.

وإلى جانب صراع مكونات الأغلبية، لا تُخفي أحزاب المعارضة بدورها رغبتها في قلب موازين المشهد السياسي خلال الاستحقاقات المقبلة، فحزب العدالة والتنمية، الذي عاش انتكاسة قاسية في انتخابات 2021، يسعى إلى إعادة ترتيب صفوفه واستثمار موجة النقد الشعبي للحكومة الحالية من أجل العودة إلى واجهة المنافسة واستعادة موقعه كقوة انتخابية قادرة على فرض معادلات جديدة. 

أما حزب التقدم والاشتراكية، فيستثمر حضوره المتماسك داخل البرلمان وخطابه النقدي الحاد حول قضايا المعيشة والحماية الاجتماعية ليقدّم نفسه بديلا يساريا عقلانيا يمكن أن يحظى بثقة شرائح واسعة من الناخبين، في حين يراهن حزب الحركة الشعبية، بخبرته الممتدة في إدارة تحالفات سياسية متقلبة، على توسيع قاعدته في العالم القروي والجبلي، وتقديم نفسه طرفا وازنا في أي هندسة حكومية مقبلة، لتبدو بذلك المعارضة هي الأخرى عازمة على خوض غمار المنافسة دون ادخار أي جهد، مدفوعة بطموح العودة إلى صدارة المشهد السياسي في زمن “حكومة المونديال”.

وهكذا، يغدو الدخول السياسي الجديد أشبه بسباق ماراثوني طويل النفس، حيث يسعى كل طرف إلى استمالة الناخبين وتعبئة قواعده في مواجهة منافسين أشداء، ولعل ما يميز هذه المرحلة أن الخطوط الفاصلة بين الإنجاز الحكومي والعمل الانتخابي أضحت ضبابية، إذ لم يعد ممكنا الفصل بين السياسات العمومية الجارية وبين رهانات صناديق الاقتراع المقبلة، لذلك، يبدو أن هذه السنة ستكون الأكثر سخونة في عمر الولاية، ليس فقط لأنها تُختتم على وقع التقييم والمحاسبة، بل لأنها تشكل جسرا مباشرا نحو انتخابات يُنتظر أن تكون من بين الأكثر إثارة منذ عقدين.

يرى محمد جبور أستاذ العلوم السياسية والمحلل المتخصص في الشأن البرلماني، أن الدخول السياسي الجديد لا يمكن النظر إليه كمرحلة عادية وإنما بوصفه لحظة مفصلية تحمل في طياتها إرهاصات التحولات القادمة. 

ويقول جبور في تصريحه لـ”الصحيفة”، إن السنة الأخيرة من الولاية الحكومية الحالية هي بمثابة معبر حاسم نحو انتخابات 2026، حيث تختلط الحسابات السياسية بالرهانات الاستراتيجية فالأغلبية، بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، تجد نفسها مطالبة بالدفاع عن حصيلة خمس سنوات من التدبير في ظروف اقتصادية واجتماعية استثنائية بينما المعارضة بمختلف أطيافها، تدرك أن ميزان القوى قد يتبدل إذا ما أحسنت استثمار لحظة الغضب الشعبي وتنامي التذمر من السياسات العمومية الراهنة.”

ويضيف جبور، أن ما يزيد من أهمية الاستحقاق المقبل هو ارتباطه بما يسميه “رهان الصورة الدولية”، موضحا: “نحن مقبلون على تنظيم كأس العالم 2030، وهذا يعني أن الحكومة المقبلة لن تكون مجرد فريق سياسي منتخب، بل ستكون حكومة بواجهة دولية، مطالبة بتأمين الاستقرار السياسي والاجتماعي، وضمان إنجاح حدث عالمي سيجعل المغرب تحت مجهر الإعلام والرأي العام الدولي لذلك فالتنافس على قيادة ما يُعرف بحكومة المونديال يتجاوز المنطق الانتخابي العادي، ليدخل في صميم حسابات الشرعية الدولية والقدرة على تدبير صورة الدولة.”

ويرى المحلل السياسي، أن جميع الأحزاب سواء في الأغلبية أو المعارضة تستشعر ثقل هذه اللحظة، لهذا فإن الدخول السياسي الراهن سيكون بمثابة بروفة انتخابية كبرى حيث ستُختبر قدرة الأحزاب على تقديم خطاب مقنع وبرامج ملموسة، لكن في النهاية، فإن المحدد الحقيقي سيظل هو قدرة كل طرف على ملامسة انتظارات المواطن المغربي الذي يعيش ضغطا يوميا متزايدا ومن هنا، يمكن القول إن حكومة المونديال لن تكون فقط نتاج صناديق الاقتراع، بل أيضا انعكاسا لمدى نجاح الطبقة السياسية في استعادة ثقة الشارع.”

يذهب المحلل السياسي إدريس الكرماوي إلى حد وصف السنة الأخيرة من ولاية حكومة عزيز أخنوش بأنها “عام المكاشفة مع الشارع”، موردا في تصريحه لـ”الصحيفة” أن هذه الحكومة لم تستطع منذ تنصيبها في 2021 أن تفي بالوعود الانتخابية التي أغدقتها على المغاربة، وعلى رأسها خلق مليون منصب شغل، تخفيض أسعار المحروقات، وإصلاح التعليم. 

وعلى العكس من ذلك، يرى المحلل السياسي أن المواطن المغربي واجه واحدة من أقسى موجات الغلاء في العقدين الأخيرين، حيث تجاوز سعر الغازوال 15 درهما للتر في محطات عديدة وارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل غير مسبوق بينما ظلّ دخل الأسر راكدا، “وفي ظل هذه المعطيات، لا يمكن الحديث عن نجاح حكومي، بل عن إخفاق في صميم ما انتخب عليه حزب التجمع الوطني للأحرار.”

ويضيف الكرماوي بنبرة حادة: “حتى الأوراش التي قدمت كمنجزات كبرى، مثل تعميم الحماية الاجتماعية ما تزال متعثرة على مستوى التمويل والتنزيل، فيما تعاني المنظومة الصحية والتعليمية من اختلالات عميقة لم تنجح هذه الحكومة في معالجتها في المقابل، انشغلت الأغلبية بصراعات داخلية وتنافس على الزعامة المستقبلية أكثر من انشغالها بمصالح المواطنين.”

ويختم قائلا: “إن ما يميز هذه الولاية هو اتساع الهوة بين خطاب الإنجاز الحكومي والواقع الملموس، لذلك، فإن انتخابات 2026 لن تكون فقط منافسة سياسية بين أحزاب، بل ستكون استفتاء شعبيا على حصيلة خمس سنوات من التدبير، وهي حصيلة، بكل موضوعية تضع حكومة أخنوش في موقع دفاعي صعب، وتجعلها أقرب إلى حكومة فقدت ثقة جزء كبير من الشارع.”



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة