أسدل القضاء المغربي الستار على واحدة من أكثر قضايا الاحتيال المالي إثارة للجدل في البلاد، بعدما قررت الغرفة الجنحية التلبسية بمحكمة الاستئناف بطنجة، تأييد الأحكام الابتدائية الصادرة في حق 25 شخصًا، على خلفية ما بات يُعرف إعلاميًا بـ”قضية مجموعة الخير”، التي تسببت في سقوط آلاف الضحايا داخل المغرب وخارجه، تحت غطاء “مشروع خيري” اتضح لاحقًا أنه تسويق هرمي محظور.
وبعد شهور من الجلسات والمرافعات، ثبتت المحكمة العقوبات السجنية التي تراوحت بين سنة وخمس سنوات حبسا نافذا، ليصل مجموع الأحكام الصادرة إلى 71 سنة سجنا نافذا، إضافة إلى غرامات مالية، وذلك بعد إدانة المتهمين بتهم ثقيلة شملت النصب وتلقي أموال من الجمهور دون ترخيص، والقيام بعمليات صرف وتحويل أموال بطرق غير مشروعة، والترويج لعملة مشفرة خارج الأطر القانونية، واستغلال جهل المستهلكين، فضلًا عن خيانة الأمانة.
غير أن قرار محكمة الاستئناف الصادر أول أمس الاثنين، قوبل بإحباط كبير من طرف الكثير من الضحايا، وخصوصا السيدات اللواتي تجمعن أمام مقر المحكمة أملا في مسار مختلف للقضية يضمن لهن استرجاع أموالهن، وهو الأمر الذي أصبح يبدو بعيد المنال.
وشملت الأحكام تأييد العقوبة القصوى في حق المتهمتين الرئيسيتين في القضية، وهما رئيسة المجموعة (ي.م) ومديرتها (ك.غ)، إذ حكم عليهما بالسجن خمس سنوات لكل واحدة، إلى جانب زوجيهما اللذين نالا الحكم نفسه، مع تحميلهم جميعا غرامة قدرها 5000 درهم لفائدة خزينة الدولة.
وأظهرت التحقيقات أن الأموال التي ضخها الضحايا في المشروع تجاوزت ملايين الدراهم، بعد أن تم استدراجهم بوعود بتحقيق أرباح خيالية من خلال ما قُدم لهم كفرصة للاستثمار في مشروع اجتماعي وتنموي، غير أن الواقع كشف عن مخطط احتيالي محكم يستند إلى نموذج تسويق شبكي هرمي يُجرّمه القانون المغربي، يقوم على استقطاب مشتركين جدد مقابل وعود بأرباح تتضاعف دون أساس اقتصادي حقيقي.
وكانت “مجموعة الخير” قد أثارت اهتمام الرأي العام منذ ظهور أولى خيوط القضية، ليس فقط بسبب العدد الكبير للضحايا الذين تجاوز عددهم الآلاف، بل أيضا بسبب طبيعة الفئات المستهدفة، إذ أن غالبيتهم من النساء وربات البيوت اللواتي تم استدراجهن عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخطاب يرتكز على الإغراء بالربح السريع وتوظيف عبارات دينية وخيرية لكسب الثقة.
وانطلقت القضية بعد أن توصلت النيابة العامة بمئات الشكايات من المتضررين، كشفوا فيها كيف تم التلاعب بثقتهم في مشروع وُصف بأنه “خيري وتنموي”، قبل أن تتبخر الوعود وتختفي الأموال، لتسقط العدالة القناع عن واحدة من أضخم عمليات النصب الموثقة في تاريخ البلاد.



