ثبّت مجلس قضاء الجزائر الحكم الابتدائي الصادر في حق الباحث والمؤرخ محمد الأمين بلغيث، مع إدخال تعديل جزئي على العقوبة، قضى بتقليصها إلى ثلاث سنوات حبسا نافذا وسنتين موقوفتي التنفيذ، عقب جلسة الاستئناف التي جرت هذا الأسبوع بالعاصمة الجزائرية.
وأكد المحامي توفيق هيشور، عضو هيئة الدفاع عن بلغيث، أن القرار الجديد يُخفف من العقوبة دون أن يضع حدا نهائيا للجدل الذي أثارته القضية، مشيرا إلى أن موكله قد يستفيد من الإفراج المشروط أو العفو الرئاسي في حال استيفاء الشروط القانونية.
وكانت محكمة الدار البيضاء الابتدائية قد أصدرت، في يوليوز الماضي، حكما بالسجن النافذ لمدة خمس سنوات ضد المؤرخ الجزائري، بعد متابعته بتهم تتعلق بنشر خطاب الكراهية والتمييز عبر وسائط الاتصال، والترويج لأخبار من شأنها المساس بالنظام العام، والإضرار بوحدة الوطن وسلامته.
وتعود وقائع الملف إلى مقابلة تلفزيونية بثتها قناة سكاي نيوز عربية في شهر مارس الماضي، أدلى خلالها بلغيث بتصريحات مثيرة حول المسألة الأمازيغية، واصفا إياها بأنها “مشروع أيديولوجي فرنسي-صهيوني”، ومعتبرا أن البربر في أصلهم عرب فينيقيون”، وهي العبارات التي اعتبرها منتقدوه مساسا صريحا بأحد المقومات الثلاثة للهوية الوطنية الجزائرية، المتمثلة في الإسلام والعروبة والأمازيغية.
وخلال مراحل التحقيق، تمسك بلغيث بنفيه لما نسب إليه من نوايا “تحريضية أو تمييزية”، مؤكدا أن أقواله أُخرجت من سياقها الأصلي بفعل المونتاج الإعلامي، مشيرا إلى أن الحوار تناول أبعادا تاريخية وأكاديمية لا علاقة لها بالجدل الهوياتي الراهن، كما اعتبر أن اجتزاء كلامه منح التصريحات بعدا سياسيا لم يكن مقصودا.
القضية لم تتوقف عند حدود القضاء أو السجال الأكاديمي، إذ تحوّلت إلى ملف دبلوماسي وإعلامي بعد أن شنّ التلفزيون الجزائري الرسمي هجوما لاذعا على قناة سكاي نيوز عربية، متهما إياها ب“الإساءة إلى ثوابت الشعب الجزائري” ومحاولة التشكيك في جذور الأمة وتاريخها، في تطور عكس توترا مستترا بين الجزائر والإمارات على خلفية التناول الإعلامي للملف.



