الكرة تُرمّم ما تكسره السياسة.. قوة ناعمة تتجاوز حدود المستطيل الأخضر

adminمنذ ساعتينآخر تحديث :
الكرة تُرمّم ما تكسره السياسة.. قوة ناعمة تتجاوز حدود المستطيل الأخضر


تحولت مباريات المنتخب المغربي في السنوات الأخيرة من مجرد مواجهات كروية تُلعب داخل المستطيل الأخضر إلى ما يعتبره البعض “حدثًا وطنيًا” يتقاطع فيه الرياضي بالاجتماعي والسياسي. فمنذ الملحمة التاريخية التي قادتها كتيبة المدرب وليد الركراكي في مونديال قطر 2022، أصبح “أسود الأطلس” مساحة يلتقي فيها المغاربة جميعًا، في تجاوز للاختلافات، لتتحول المباراة إلى لحظة شعورية مشتركة.

وتحظى هذه الدينامية اليوم بزخم إضافي مع احتضان المغرب لنهائيات كأس أمم إفريقيا، حيث لم يعد حضور “أسود الأطلس” داخل البطولة مجرد مشاركة رياضية، بل صار جزءا من مشهد وطني أوسع يعكس صورة بلد يراكم الثقة في قدرته على التنظيم والاحتضان.

ونجح المغرب في استثمار كرة القدم كأداة للقوة الناعمة والتقاطع الرمزي بين الإنجاز الرياضي والرهان التنموي؛ فالملاعب، والجماهير، والصورة التي تنقل إلى الخارج، كلها عناصر تجعل من كأس إفريقيا المقامة بالمغرب امتدادا طبيعيا لذلك التحول الذي جعل من المنتخب واجهة لوحدة الشعور الوطني ورافعة للتماسك الجماعي.

ويرى محمد الزوهري، المتخصص في علوم التواصل والعلاقات الدولية، أن هذا التأثير الكبير لكرة القدم هو ناتج عن تحول نظرة المغاربة لأنفسهم، خاصة بعد الثقة التي عززها إنجاز كأس العالم في قطر، والتي تجاوزت حدود كرة القدم، موضحا أن “المونديال منح المغرب فرصة كبيرة للتواصل مع العالم، وتعزيز خطاب داخلي يقول: نعم، نحن نستطيع”.

ومن زاوية أخرى، يعتبر الزوهري أن المنتخب الوطني لعب دورًا رمزيًا في “توحيد ما يفرقه الواقع السياسي” داخل البلاد، وهو ما يفسر سرعة تحوّل أي فوز يحققه المنتخب إلى احتفال عام يعم مختلف المدن، ويخلق إحساسًا جماعيًا بالانتماء يتقدم، ولو مؤقتًا، على الخلافات والتوترات اليومية.

وأكد المتخصص في علوم التواصل أن تأثير المنتخب وصورة المنتخب لا يتوقف عند حدود الدولة والجمهور المحلي فقط، بل هاته الصورة اليوم أضحت أداة دبلوماسية بامتياز، تساهم في تحسين صورة البلدان وتعزيز جاذبيتها الثقافية والرمزية.

وأبرز المتحدث أن “كرة القدم لم تعد مجرد لعبة، بل وسيلة تواصل دولي فعالة تخدم صورة الدول ومكانتها”، مستشهدًا بتجارب دولية ناجحة، حيث قال مستطردًا: “دولة مثل قطر استثمرت ملايير الدولارات في تنظيم كأس العالم، ليس فقط من أجل الرياضة، بل للتأكيد على مكانتها كدولة متقدمة وقادرة على جذب الاستثمارات”.

وأضاف في السياق ذاته أن “روسيا بدورها استفادت من مونديال 2018 لمحاولة تغيير الصورة النمطية عنها باعتبارها وجهة غير سياحية”، مبرزًا أن المغرب يسير في الاتجاه نفسه عبر استثمارات كبرى تروم تقديم صورة إيجابية عن البلاد وتعزيز حضورها على الساحة الدولية، مشيرا إلى أن المغرب “إن أراد تحقيق هذا الهدف التواصلي والدعائي خارج إطار الرياضة لاحتاج سنوات طويلة لتحقيق جزء بسيط مما توفره التظاهرات الرياضية الكبرى”.

واختتم تصريحه قائلا إن المنتخب المغربي اليوم يقوم بوظيفتين متوازيتين، حيث “يساهم داخليًا في تعزيز الوحدة الوطنية وتقريب فئات المجتمع، فيما يشتغل خارجيًا كواجهة حقيقية للدبلوماسية الناعمة التي تقدم المغرب كبلد منفتح، فعّال، وقادر على التنظيم والتنافس”.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة