كشفت دراسة وطنية حديثة عن انتشار مرتفع لاضطرابات النوم في المغرب، حيث يعاني نحو ثلث السكان من أعراض الأرق، بينما يظهر النعاس المفرط أثناء النهار لدى ما يقارب 18 بالمئة من المشاركين، في مؤشر يعكس تحديًا صحيًا كبيرًا على المستوى الوطني.
وأوضحت الدراسة، التي شملت 1010 مشاركين من سبع جهات مغربية تم اختيارها وفق معايير الكثافة السكانية والتنوع الثقافي والاجتماعي، أن متوسط العمر بين المشاركين بلغ 44.9 سنة، مع أغلبية نسائية بنسبة 78 بالمئة.
وركزت الدراسة، التي اطلعت جريدة “مدار21” على نتائجها، على قياس أعراض الأرق والنعاس المفرط أثناء النهار، إضافة إلى اضطرابات النوم الأخرى مثل الكوابيس، شلل النوم، التحدث أثناء النوم، صرير الأسنان، والمشي أثناء النوم.
وأظهرت النتائج أن أعراض الأرق كانت الأكثر انتشارًا بنسبة 30.2 بالمئة، بينما بلغ معدل انتشار النعاس المفرط أثناء النهار 17.9 بالمئة. وأفادت الدراسة أن اضطرابات أخرى متفرقة شملت نحو نصف المشاركين (49.1 بالمئة)، فيما أظهر حوالي 28 بالمئة من المشاركين أكثر من اضطراب نوم واحد.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن النساء كنّ أكثر عرضة لمشاكل النوم، حيث سجلت نسبة الأرق لديهن 33.4 بالمئة مقابل 18.9 بالمئة لدى الرجال، في حين بلغ انتشار النعاس المفرط أثناء النهار 19.8 بالمئة لدى النساء مقابل 11.3 بالمئة لدى الرجال.
كما تبين أن المستوى التعليمي والعمر والأمراض المصاحبة تلعب دورًا في خطر الإصابة بهذه الاضطرابات، إذ ارتبطت المستويات التعليمية المنخفضة والمتوسطة بارتفاع معدل النعاس المفرط أثناء النهار.
وأشارت الدراسة إلى تفاوت جغرافي في انتشار اضطرابات النوم، حيث سجلت جهة فاس-مكناس أعلى معدلات (23.76 بالمئة)، في حين كانت جهة الرباط-سلا-القنيطرة الأقل (0.29 بالمئة)، وهو ما يعكس تأثير العوامل الاجتماعية والبيئية على جودة النوم.
وبحسب الباحثين، فإن الأرق والنعاس المفرط أثناء النهار لهما تأثيرات سلبية على الأداء اليومي والصحة النفسية والبدنية للأفراد، بما في ذلك ضعف التركيز، زيادة خطر الحوادث، وانخفاض جودة الحياة، لافتين إلى أن إغفال هذه الاضطرابات في العيادات الصحية يعقد معالجة الحالات المزمنة ويزيد من عبء المرض على المستوى الوطني.
وأكدت الدراسة أن النتائج تمثل دعوة إلى تعزيز التوعية الصحية حول أهمية النوم، وضرورة تطوير برامج تدخلية تراعي الجنس، العمر، والمستوى التعليمي، مع التركيز على المناطق الريفية التي سجلت معدلات أعلى للنعاس المفرط أثناء النهار.
كما أوصت بضرورة استخدام أدوات تقييم موضوعية مثل تخطيط النوم في الدراسات المستقبلية، إلى جانب الاستمرار في متابعة الاتجاهات الوبائية لاضطرابات النوم في المغرب.
في سياق متصل، أشار الباحثون إلى أن اضطرابات النوم مرتبطة بسلوكيات حياتية متعددة، من بينها الصوم، العادات الدينية مثل الصلاة المبكرة، السهر الصيفي، وبعض المعتقدات الخاطئة حول النوم، وهو ما يستدعي تدخلات تثقيفية لتعديل هذه السلوكيات وتحسين جودة النوم لدى السكان.
وخلصت الدراسة إلى أن اضطرابات النوم تمثل تحديًا صحيًا متزايدًا في المغرب، وأن الاهتمام بهذا الملف يجب أن يشمل برامج وقائية وعلاجية تستهدف الفئات الأكثر عرضة، مع تعزيز البحث العلمي في مجال طب النوم لتقديم حلول فعّالة ومستدامة.



