اعتبرت فرق المعارضة بمجلس النواب أن مشروع قانون مالية 2026 يأتي بدون رهانات حقيقية، ويستند إلى نفس المقاربات المعتادة التي فشلت في تحقيق أثر اقتصادي واجتماعي ملموس، مشيرة إلى أن مشروع القانون لا يتسجيب للانتظارات ولا يعالج مشاكل المواطنين والفئات الضعيفة، ومطالبة الحكومة بالتحلي بالتواضع والصراحة.
وأفاد رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2026، اليوم الثلاثاء، أن آخر مشروع قانون مالي للحكومة الحالية اتسم بـ”مجهود ميزانياتي بنفس المقاربات الحكومية المعتادة التي عجزت عن تحقيق الأثر الاجتماعي والاقتصادي والمجالي على مدى أربع سنوات”.
وأشار حموني إلى قانون المالية تضمن “تدابير لا تعكسُ بالشكل الكافي عناوين التوجهات العامة؛ وإجراءات لا تستجيبُ بالقدر اللازم للانتظارات ولمتطلبَّات الإصلاح”، مؤكدا أن فريقه سيحرص على تقديم التعديلات اللازمة عليه.
وأوضح أنه في مقابل المقاربة البناءة والوطنية والمسؤولة التي اعتمدها فريق التقدم والاشتراكية في المعارضة؛ اعتمدت الحكومة خطاب العجرفة والتجبُّر والوعيد، مشيرا إلى تهميشها وتحقيرها “لمبادرات البرلمان، واستخدام الأغلبية العددية لتمرير كل شيء، وغياب التواضع والصراحة والصدق، والانزعاج من تقارير مؤسسات الحكامة، وحالات تضارب المصالح”.
واعتبر أنه من الطبيعي أن تؤدي المقاربات الحكومية إلى “استفزاز المواطن، وإلى الاحتقان، والفراغ، وانعدام الثقة في البرلمان والحكومة والسياسة، خاصة إذا استحضرنا غياب الاستباقية السياسية؛ وضُعف التواصُل؛ والتصرف فقط تحت الضغط؛ من طرف الحكومة”.
وأشار حموني إلى أن “الديمقراطية وتوسيع فضاء الحريات ليسا مجرد كماليات، بل ضرورة محورية لتعبئة وإطلاق طاقات الشباب والمجتمع كله، كما ورد في وثيقة النموذج التنموي الجديد”، مستدركا “لكن، هذه الحكومة التي تدعي أنها سياسية، تفتقر إلى الحس السياسي، وتبتعد عن كل موضوعٍ سياسي؛ ولا تتواصل مع الرأي العام؛ ولا تنصت لا لرأي المواطن، ولا لرأي المعارضة، ولا لتقارير مؤسسات الحكامة”.
ومن جانبه، انتقد ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، عدم تحديد الحكومة أولويات واضحة في مشروع قانون مالية 2026، مؤكداً أن هذا يؤدي إلى سياسات متفرقة وغير متناسقة، ويصعب على المواطنين فهم ما هو الأهم بالنسبة لهم.
وأشار السنتيسي إلى أن الزيادات الضريبية الأخيرة أثقلت كاهل الفئات ذات الدخل المحدود، بينما تستفيد الشركات الكبرى والأغنياء من سياسات مالية غير عادلة، معتبراً أن هذا يخالف العدالة الاجتماعية متسائلا: “واش هذا قدر على المغاربة باش الفقراء يمولوا الأغنياء؟”.
وانتقد السنتيسي غياب رؤية واضحة لمعالجة نقص الأساتذة والبنية التحتية في المدارس الابتدائية، وكذلك محدودية التمويل لقطاع التعليم الأولي والحضانات، مما يزيد الضغط على الأسرة والمجتمع”، مشيرا من جهة أخرى إلى أن السياسات المالية تركّز غالباً على دعم الشركات الكبرى على حساب المقاولات الصغيرة والصغرى، رغم دورها الأساسي في خلق فرص الشغل وتوطين الاقتصاد.
وأبرز رئيس الفريق الحركي غلاء المعيشة المستمر، وارتفاع الأسعار المصحوب بالضرائب، مؤكداً أن المواطنين يعانون من تضخم بنيوي يؤثر على قدرتهم الشرائية، موضحا أن ارتفاع المداخيل الضريبية لا يعكس بالضرورة تحسناً حقيقياً في الاقتصاد الوطني، بسبب مشاكل السيولة وضعف الدعم للمقاولات المحلية، ما يهدد الاستدامة الاقتصادية”، مشددا على أن “المواطن بحاجة إلى نتائج ملموسة وليس مجرد وعود، مشدداً على أن الأمل بلا أفعال غير كافٍ”.
ومن جهته، أشار عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إلى أن حديث الأغلبية عن الوضعية السياسية والاجتماعية الحساسة اعتراف ضمني بفشل الحكومة، خاصة في ظل الضغوطات السياسية المفتعلة، مؤكدا أن احتجاجات أيت بوكماز وتاونات وفيكيك وجيل زد ليست مفتعلة، مشدداً على أن الوطن المتضرر ليس نتيجة جرأة المعارضة وانتقادها المستمر لعجز وفشل الحكومة، بل نتيجة الفساد، تضارب المصالح، والريع، وتبرير كل شيء بالخطابات الصاخبة دون معالجة الواقع.
وأشار بووانو إلى أن مشروع قانون المالية هو مشروع بدون رهانات، لأن السنة الأخيرة من عمر الولاية الحكومية كان يفترض أن يتسم بالسرعة والتدارك مثل السباق، وهذا ما يغيب عن هذا المشروع، مشيرا إلى النسب المرتفعة لعدم رضا المواطنين على الحكومة وفق الإحصائيات الرسمية.
وشدد بووانو على أن مشروع قانون كاد يكون فارغا لولا التدخل الملكي، مضيفا أن هذا المشروع محكوم بتوجيهات ملكية واضحة، مشيرا إلى أن تدخل الملك ربما يندرج في إطار الفصل 42 من الدستور المتعلق بحسن سير المؤسسات، مشيرا إلى التدخل الملكي في عدد من الملفات، بينها البطالة وبرنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال، والإهابة بعدم الذبح في عيد الأضحى…
وأردف أن الولاية الحكومية الحالية انتهت عملياً مع اقتراب الانتخابات، وهي حكومة تصريف أعمال إن لم نقل تصريف أقوال فقط، مضيفا فيما يخص الأولويات إلى وجود تناقض، مشددا على أن الرهان على تصنيف المغرب ضمن البلدان الصاعدة كان غائبا عن البرنامج الحكومي، مشيرا إلى أن هذا الرهان يتطلب تحقيق نسبة نمو اقتصادية 7٪، اقتصاد متنوع وصناعي، وتوسيع الطبقة الوسطى، تنويع الصادرات وجلب الاستثمارات، وتطوير رأس المال البشري، تحقيق العدالة المجالية والتنموية.


