زنقة 20 | الرباط
أعربت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد عن قلقها البالغ من المسار التشريعي لمشروع قانون المسطرة الجنائية، لا سيما ما تضمنته المادتان 3 و7 من مخاطر حقيقية تهدد مبدأ المساواة أمام القانون وتكرس الإفلات من العقاب.
وقالت المنظمة في بيانها إن اعتماد هذه المقتضيات قد يمنح حصانة غير مبررة لفئات ومؤسسات معينة، مما يعد انحرافًا تشريعيًا يتعارض مع مبادئ الدستور المغربي، خاصة الفصلين 1 و107 اللذين يؤكدان استقلال السلطة القضائية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
كما أكدت المنظمة أن هذا التوجه يتناقض مع التزامات المغرب الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تلزم الدولة بضمان مساءلة المسؤولين وعدم توفير أي حصانات تحول دون المتابعة القضائية.
وأكدت المنظمة أن إقرار هذه المواد دون إخضاع المشروع للمراقبة القبلية للمحكمة الدستورية يشكل انتهاكًا صارخًا لمبدأ سمو الدستور، ويعد تراجعًا عن المكتسبات الديمقراطية التي حققتها المملكة. وأوضحت أن ذلك يرسل رسالة سلبية على الصعيدين الوطني والدولي بشأن جدية المغرب في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.
وحذرت المنظمة من أن استمرار هذا المسار التشريعي بدون رقابة دستورية صارمة سيؤدي إلى ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، ويضعف ثقة المواطنين في المؤسسات، ويؤثر سلبًا على صورة المغرب داخليًا وخارجيًا، فضلًا عن تأثيره السلبي على مناخ الاستثمار ودور المجتمع المدني.
و طالبت المنظمة بإحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية قبل المصادقة عليه، داعية جميع الفرق البرلمانية والقوى الحية إلى رفض أي نص يمس استقلال القضاء ويضعف مكافحة الفساد. كما ناشدت المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية للتعبئة واليقظة لمواجهة أي تهديد لحقوق وحريات المواطنين.
في ذات السياق، دعا مصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق، إلى إحالة قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية، مؤكدًا على أهمية دور المحكمة في ترسيخ دولة الحق والقانون، معربًا عن أمله في أن يخضع المشروع للفحص الدستوري لإنهاء الجدل حول بعض المقتضيات المثيرة للجدل.
في غضون ذلك، دعا محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى تدخل ملكي مستندًا إلى الفصل 132 من الدستور لإحالة المشروع على المحكمة الدستورية، محذرًا من استغلال مؤسسات الدولة لتمرير تشريعات “غير دستورية” تخدم مصالحها الخاصة، واصفًا المواد المثيرة للجدل في المشروع بأنها تشكل “تغوّلًا للفساد وتحجيمًا لدور النيابة العامة في مواجهة جرائم النخبة.”
مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، كان قد أكد في وقت سابق ، أن مشروع القانون لا يزال قيد الدراسة داخل مجلس النواب، وأن إحالة النصوص القانونية على المحكمة الدستورية هي صلاحية محصورة في رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، وعدد معين من الأعضاء” وأن أي تعديل على المشروع قد يُعيده إلى مجلس المستشارين.
وتنص أحكام الفصل 132 من الدستور، على أن إحالة القوانين على المحكمة الدستورية قصد البث في مطابقتها للدستور، قد تكون من الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين، أو برسالة أو عدة رسائل تتضمن في مجموعها عددا من أعضاء مجلس النواب لا يقل عن خمس الأعضاء الذين يتألف منهم أو 40 عضوا في مجلس المستشارين.
يأتي هذا بعدما قضت المحكمة الدستورية بعدم مطابقة عدد من مواد القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية، للدستور، وذلك في قرارها رقم 255/25، الصادر يوم الإثنين 04 غشت 2025.



