كشفت وكالة الأنباء الإسبانية غير الرسمية “أوروبا بريس”، عن مساع حثيثة يقوم بها الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، الذي يشغل منصب وزير التجهيز والماء في الحكومة المغربية الحالية، من أجل دفع الحزب الشعبي الإسباني (المعارضة) لتبني مقترح الحكم الذاتي المغربي لإنهاء نزاع الصحراء، على غرار موقف حكومة مدريد التي يقودها بيدرو سانشيز عن الحزب العمالي الاشتراكي.
وحسب المصدر نفسه، فإن بركة دعا الحزب الشعبي إلى دعم مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها الملك محمد السادس كحلّ واقعي وعملي لقضية الصحراء، والانضمام إلى الموقف الإسباني الرسمي الذي تبنته حكومة سانشيز في مارس 2022، مشيرا إلى ضرورة “إخراج المغرب من السياسة الداخلية الإسبانية” والتعامل مع الملف من منطلق استراتيجي لا حزبي.
وذكّرت “أوروبا بريس” بأن بركة سبق أن وجّه هذا العام رسالة إلى زعيم الحزب الشعبي، ألبرتو نونيز فييخو، انتقد فيها ما وصفه بـ”غياب الوضوح” في موقف حزبه من قضية الصحراء، خصوصا بعد مشاركة ممثل جبهة البوليساريو في إسبانيا، عبد الله العربي، كضيف في مؤتمر الحزب الذي عُقد قبل أشهر.
وأوضحت الوكالة أن الحزب الشعبي ردّ على رسالة بركة بسلسلة من الإيضاحات، مشيرا إلى أن “المشكلة” لا تتعلق بالموقف من المغرب، وإنما بالطريقة التي غيّرت بها حكومة سانشيز الموقف التاريخي لإسبانيا من النزاع دون تقديم “عناصر كافية” لتبرير القرار الذي اتخذ عام 2022.
وكشفت “أوروبا بريس”، أن بركة أدلى بتصريح لها قال فيه إنه رغم هذا التباين في الرؤى، فإنه يثق في أن “أصدقاءه” في الحزب الشعبي سيقومون في المستقبل بخطوة إيجابية تجاه مقترح الحكم الذاتي المغربي أو حتى تجاه السيادة المغربية على الصحراء، مضيفا أن الحزب الشعبي ينتمي إلى حزب الشعب الأوروبي، في إشارة إلى أن غالبية أحزاب “الشعب الأوروبي” تتبنى مواقف داعمة للمغرب ووحدته الترابية.
وحسب بركة، وفق ما نقلته “أوروبا بريس” فإن تأييد موقف الرباط لا يضمن فقط إنهاء ما وصفه بـ”النزاع المصطنع”، بل يخدم كذلك “الاستقرار الإقليمي ومصالح البلدين”، مشيرا إلى أن دعم المغرب في هذا الملف سيساهم أيضا في “التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية” وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الرباط ومدريد.
وأضاف الوزير المغربي أن موقف الحزب الشعبي كان يمكن “تفهمه” لو كان “حزبا شعبويا”، لكنه حزب يسعى للحكم، ولذلك من الطبيعي أن يكون موقفه منسجما مع الموقف الأوروبي العام، مشيرا إلى استعداده “للتحدث مباشرة وبشكل واضح” مع زعيم الحزب ألبرتو نونيز فييخو “متى سمح وقته بذلك”.
واعتبر بركة أن العلاقات بين الحكومتين المغربية والإسبانية “ودية وأخوية”، وأن البلدين يسيران وفق “مصير مشترك”، برؤية منسجمة في القضايا ذات الاهتمام العالمي، مع طموح مشترك لجعل منطقة البحر الأبيض المتوسط “فضاء للسلام والازدهار والاستقرار”.
جدير بالذكر أن الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي بعث في الأشهر الماضية برسالة رسمية إلى ألبيرتو نونيز فييخو، رئيس الحزب الشعبي الإسباني، طالبه فيها بتوضيح موقفه من قضية الصحراء المغربية، وذلك في ظل ما وصفه بـ”عدم وضوح” هذا الموقف في سياق التحولات الدولية المتسارعة الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي.
وجاء في الرسالة التي وقعها نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، والتي توصلت “الصحيفة” بنسخة منها أنذاك، أن الحزب يتوجه بهذه المراسلة بصفته “قوة سياسية شقيقة داخل الأممية الديمقراطية للمركز”، ومسترشدا بالعلاقات التاريخية التي تجمع الطرفين منذ أكثر من 25 سنة، مؤكدا أن غرض الرسالة هو التعبير عن “قلق عميق” من الموقف غير المعلن لحزب فييخو تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وأكد بركة أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، تمثل “الإطار الواقعي والموثوق الوحيد” لإنهاء هذا الصراع، مشيرا إلى أن المبادرة تحظى بدعم دولي واسع، من ضمنه الولايات المتحدة و22 دولة أوروبية، إلى جانب الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وأضاف أن هذا المقترح يشكل فرصة حقيقية لتعزيز الاستقرار في منطقة المغرب العربي والساحل، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتكامل الإقليمي، كما يُسهم في الحد من الهجرة غير النظامية من خلال دعم مشاريع التنمية والتشغيل في الأقاليم الجنوبية.
وأعرب حزب الاستقلال عن استغرابه من كون الحزب الشعبي الإسباني، رغم وزنه السياسي داخل إسبانيا وعضويته في حزب الشعب الأوروبي، لم ينخرط بعد في الدينامية الدولية الداعمة للمقترح المغربي، معتبرا أن اللحظة تقتضي “رؤية استراتيجية واضحة” تراعي المصالح المشتركة بين المغرب وإسبانيا.
وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال في رسالته أن الرباط تأمل أن يتحرك حزب فييخو بانسجام مع متطلبات المرحلة، في اتجاه دعم العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكة الحزبية والسياسية، بما يخدم المصالح العليا للشعبين المغربي والإسباني.



