أقدم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على خطوة استراتيجية جديدة بإطلاق صفقة دولية تتجاوز قيمتها 40 مليون درهم، وذلك في إطار خطة استباقية تهدف إلى تدعيم أمن المعطيات الرقمية وتطوير البنية المعلوماتية للمؤسسة، بما يضمن حماية بيانات ملايين المغاربة وتعزيز فعالية خدماتها الاجتماعية.
الصفقة التي أعلن عنها عبر طلب عروض دولي مفتوح رقم 89/2025، توزعت على محورين أساسيين، الأول يخص مواكبة مشروع تسريع التحول الرقمي للمؤسسة بكلفة تقديرية تناهز 6 ملايين درهم، فيما يركز المحور الثاني على استقطاب الكفاءات والخبرات التقنية اللازمة لدعم هذا المسار، بكلفة قد تتراوح ما بين 19,99 مليون درهم و39,98 مليون درهم، حسب مخرجات التعاقد.
الصندوق، الذي تأسس سنة 1972 بموجب ظهير ملكي، يضطلع بتدبير أنظمة التأمين الاجتماعي لفائدة أجراء القطاع الخاص والمستقلين والمهنيين، فضلا عن نظام التأمين الإجباري عن المرض، حيث توسعت مهامه منذ سنة 2002 لتشمل نظام “أمو تضامن” الموجه للفئات غير القادرة على أداء الاشتراكات، قبل أن يتولى منذ 2024 تدبير نظام “أمو شامل” لفائدة غير النشيطين القادرين على المساهمة.
ويتوخى المشروع الجديد إرساء مقاربة متقدمة للتحول الرقمي عبر اعتماد منهجية العمل المرن (Agile/Scrum) وتشكيل فرق متخصصة في التنفيذ الوظيفي والتقني، بما يعزز جاهزية المؤسسة لمواجهة التحديات الرقمية وضمان استمرارية الخدمات الاجتماعية بالكفاءة والشفافية المطلوبتين.
كما يلزم دفتر التحملات مقدمي الخدمات بمواكبة المؤسسة في وضع منظومة حوكمة رقمية فعالة، مع التركيز على معايير الجودة والأمن، إلى جانب تطوير مؤشرات دقيقة لقياس الأداء ورصد الأثر المترتب عن هذه الاستثمارات.
وفي هذا السياق، شدد الصندوق على التزامه الصارم بمقتضيات القانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، حيث يُلزم المتعاقدين باتخاذ كافة التدابير التنظيمية واللوجستية لضمان سرية المعلومات وحمايتها من أي استغلال غير مشروع، فضلا عن إتلاف الملفات والوثائق فور انتهاء العقود، ومنع نسخ أو تخزين أو إفشاء المعطيات خارج نطاق المهام المسندة، مع تمكين الصندوق من صلاحية المراقبة الدورية للتأكد من احترام هذه القواعد.
وبإطلاق هذه الصفقة، يسعى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى ترسيخ مبدأ الرقمنة المسؤولة التي تقوم على التوازن بين تحديث الخدمات وتوفير الحماية اللازمة للمعطيات الشخصية، في خطوة تعكس ارتفاع منسوب الاهتمام الوطني بالأمن السيبراني كخيار استراتيجي لحماية المواطنين وضمان استدامة الخدمات الاجتماعية في زمن التحول الرقمي المتسارع.
ويأتي هذا التحرك بعد سلسلة هجمات سيبرانية استهدفت خلال الأشهر الماضية عددا من المؤسسات الوطنية، كان من بينها الصندوق نفسه، ما أسفر عن تسريب بيانات شخصية تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي وأثار نقاشا واسعا حول مستوى الحماية الرقمية للمؤسسات العمومية.