دعا نواب برلمانيون من الأغلبية والمعارضة إلى احترام مبدأ فصل السلط وتوازنها وصون حق النواب في إبداء آرائهم داخل المؤسسة التشريعية، وذلك بعد فتح النيابة العامة تحقيقاً بخصوص التصريح الصادر عن أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، بخصوص “طحن الورق” في سياق انتقاده إهدار ملايير الدعم الاجتماعي في الدقيق المدعم، وذلك بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وكان تصريح التويزي قد أثار جدلا واسعا في وسط الرأي العام، بعدما فُهم منه أن شركات تطحن الورق في مادة الدقيق المدعم، قبل أن يخرج للتوضيح بأن كلامه أسيئ فهمه وأن المقصد منه الإشارة إلى تزوير الفواتير.
في هذا السياق، أكد عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في نقطة نظام بداية الجلسة، اليوم الإثنين، أن البرلمان يشتغل في إطار الدستور الذي يقوم على مبادئ أساسية أبرزها فصل السلط وتعاونها وتوازنها، مضيفاً أن النظام الداخلي للمجلس يسير في الاتجاه نفسه.
وأوضح بوانو أن كلامه يأتي ما جرى داخل لجنة المالية من تصريحات لأحد النواب، وما تلاها من إعلان النيابة العامة فتح تحقيق في الموضوع، داعيا مكتب مجلس النواب إلى دراسة الموضوع في ضوء الفصل 64 من الدستور، الذي يمنح البرلمانيين حصانة أثناء ممارستهم لمهامهم، والمادة 30 من النظام الداخلي التي تنص صراحة على أنه لا يمكن متابعة أي نائب أو البحث معه أو محاكمته بسبب آرائه أو تصريحاته داخل البرلمان أو عبر الأسئلة الكتابية أو الشفوية. وقال بوانو: “أدعو مكتب المجلس إلى دراسة هذا الموضوع واتخاذ المتعين بشأنه، احتراماً لمبدأ فصل السلط وتعاونها وتوازنها.”
ومن جانبه، استحضر سعيد بعزيز، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، التي تؤكد على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطِنة والتشاركية، ومبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأوضح بعزيز أن الفصل 64 من الدستور ينص على أنه لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان أو البحث عنه أو إلقاء القبض عليه أو محاكمته بسبب آرائه أو تصويته أثناء مزاولة مهامه، باستثناء الحالات التي تمس النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو الاحترام الواجب للملك.
وأشار النائب الاتحادي إلى أن المادة 30 من النظام الداخلي أعطت تفسيراً واضحاً لمفهوم إبداء الرأي، باعتباره يشمل المواقف والقناعات التي يعبّر عنها النائب شفوياً أو كتابياً خلال ممارسته لمهامه الدستورية داخل المجلس أو خارجه، معتبراً أن ما صدر عن النائب المعني يدخل في هذا الإطار، ولا ينبغي أن يقابَل بأي تصرف يخل بتوازن السلط أو يتجاوز اختصاصات البرلمان.
وختم بعزيز مداخلته بالقول: “إذا لم يُصَن حق النائب في إبداء الرأي داخل هذه المؤسسة، فكيف يمكن أن نتحدث عن صيانة هذا الحق خارجها؟”.
أما علال العمراوي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، فقد شدد بدوره على أهمية الاستثمار الأمثل لمهام النيابة البرلمانية، التي تتيح للنواب التعبير بحرية وتجرد واستقلالية ومسؤولية في كل القضايا المطروحة للنقاش العام، في إطار أحكام الدستور واحترام قواعد العمل البرلماني.
وأكد العمراوي أن الحفاظ على حرية النائب في التعبير شرط أساسي ليظل البرلمان منبراً حقيقياً للدفاع عن قضايا المواطنين وانتظاراتهم، وواجهة للديمقراطية التمثيلية دون أي شكل من أشكال التضييق أو المصادرة.
وبدوره، عبّر رئيس الجلسة محمد غيات عن تقديره لما وصفه بـ”الغيرة البرلمانية” التي أبان عنها المتدخلون دفاعاً عن صلاحيات المجلس وأعضائه، مؤكداً أن الملف سيُعرض على مكتب مجلس النواب لاتخاذ القرار المناسب بشأنه.



