بلعسال: مشروع قانون مالية 2026 بصبغة اجتماعية وإصلاحية ويعكس التوجيهات الملكية لتكريس العدالة المجالية

admin28 أكتوبر 2025آخر تحديث :
بلعسال: مشروع قانون مالية 2026 بصبغة اجتماعية وإصلاحية ويعكس التوجيهات الملكية لتكريس العدالة المجالية


زنقة20ا الرباط

قال شاوي بلعسال، رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، إن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يشكل آخر مشروع قانون مالي في هذه الولاية التشريعية التي تعيش مراحلها الأخيرة، في ظل استمرار أجواء ومناخ وطني ودولي يتسمان بالاضطرابات والتوترات الجيوسياسية والمخاوف واللايقينية.

وأوضح شاوي أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب اليوم الثلاثاء، أن إعداد مشروع القانون المالي تم “تحت سيادة مناخ طبيعي متقلب ومتأزم استمر لأزيد من سبع سنوات عجاف كانت لها تداعيات مباشرة على الإنتاج الفلاحي وعلى تربية المواشي وعلى التشغيل في القطاع الفلاحي بسبب أزمة الماء الناتجة عن شح التساقطات المطرية والثلجية وعدم انتظامها، مما أدى إلى تراجع رصيدنا المائي بشكل غير مسبوق”.

وأضاف أن المغرب يعيش أيضا “تحولات اجتماعية ودينامية ديمغرافية مجالية مصحوبة بتفاوتات وفوارق اجتماعية وثقافية أفرزت بدورها حركية شبابية نشيطة في المواقع المؤثرة، استطاعت أن تنتقل من العالم الافتراضي إلى الواقع الميداني لتعبر عن مطالبها الاجتماعية بأسلوبها الخاص ودعوتها الإصلاحية لكل من قطاع الصحة والتعليم والتشغيل ومحاربة الفساد”.

وأشار رئيس الفريق إلى أنه “ما بين خطاب العرش الذي صادف الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة على العرش وخطاب افتتاح الدورة التشريعية الحالية يوم الجمعة 10 أكتوبر، ومخرجات المجلس الوزاري المنعقد يوم الأحد 19 أكتوبر، اكتمل مشروع القانون المالي مستوفياً جميع العناصر والوسائل والآليات المتجاوبة مع متطلبات المرحلة المؤطرة بالتوجيهات الملكية السامية في إطار مؤسساتي دستوري”، مضيفاً أن “الزخم الملكي كان له أثر مباشر على محتوى المشروع المالي وتعزيز توجهه الإصلاحي بحزمة من المبادرات الاجتماعية والأولويات المرحلية وتخصيص موارد مالية إضافية لها”.

وقال بلعسال إن هذه التوجيهات تتجلى في “العمل على ترصيد المكتسبات ومواصلة تسريع تنزيل الاستراتيجيات والبرامج القطاعية المتلزم بها أو التي هي قيد التنزيل، وفق خارطة طريق واضحة المعالم، مما أصبغ على مشروع القانون المالي صبغة اجتماعية إصلاحية بالدرجة الأولى، وتكريس العدالة الاجتماعية والمجالية وإدماج الدينامية الشبابية بالتمكين القانوني والمالي والمعنوي في المشاركة الفعلية في الحياة السياسية وممارسة التعبير الديمقراطي عبر المؤسسات المنتخبة، وبالتالي ستشهد المحطة الانتخابية المقبلة ضخ دماء جديدة في الجسم السياسي وفي المؤسسات المنتخبة للمغرب الصاعد”.

وأضاف أن الأوضاع الداخلية والحركية الاجتماعية والإعلامية السبيرانية تتقاطع مع تأثير مباشر وغير مباشر للأجواء الدولية المحيطة بالمغرب، بحكم موقعه الاستراتيجي وإشعاعه القاري والدولي، مشيراً إلى أن “الواقع الدولي يتميز بتباطؤ وتيرة النمو المالي وتراجع ملموس للتجارة الدولية تحت تأثير تصاعد التوترات والمنافسة المتزايدة للتعريفات الجمركية والحمائية وتفاقم تفكك سلاسل القيمة العالمية والتحديات المرتبطة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي وضبابية الأفق واللايقينية المستقبلية المسيطرة على الأوضاع العالمية الراهنة”.

وأكد أن هذه التحديات المختلفة “تحفزنا كبلد صاعد وطموح على التحلي باليقظة والصمود والتكييف السريع مع هذه التقلبات والتأثيرات المتداخلة والمحتملة من أجل التحكم في التوازنات والحفاظ على وتيرة نمو مستدامة مدعومة بمحركات للنمو القطاعي المنتج على أساس التنوع والتكامل، كالقطاعات الصناعية والسياحة والتجارة وتعزيز السيادة الطاقية والغذائية والدوائية، مع إثبات القدرة على تصحيح الاختلالات المجالية والاجتماعية والسير بسرعة متوازنة بين جميع الجهات، والتصدي الذكي للتفاوتات الصارخة بتغليب المصالح الوطنية على المصالح الخاصة”.

وأضاف بلعسال أن مشروع القانون المالي اعتمد على مجموعة من المداخل لتحقيق التنمية المنشودة، وفي مقدمتها المجهود الاستثماري الإجمالي في القطاع العام الذي يصل إلى 380 مليار درهم، وهو مبلغ محترم في الظرفية الاقتصادية الحالية، موضحاً أن هذا المبلغ موزع على المؤسسات والمقاولات العمومية بمبلغ 179.9 مليار درهم، وعلى الميزانية العامة والحسابات الخصوصية ومصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة بمبلغ 132.6 مليار درهم، وصندوق محمد السادس للاستثمار بمبلغ 45 مليار درهم، والجماعات الترابية بحصة 22 مليار درهم فقط.

وفي قراءته لهذا التوزيع، قال رئيس الفريق إن “مقارنة توزيع هذا الغلاف الاستثماري يثير استغرابنا وتساؤلنا عن تمييز المنظومة الترابية الوطنية، المكونة من 12 جهة وحوالي 75 إقليماً وعمالة و1503 جماعة محلية، التي لم تحظ سوى بمبلغ 22 مليار من أصل 380 مليار”، مبرزاً أن “هذه المنظومة الترابية المنتخبة توجد في الواجهة اليومية للمواطنين ومعرضة بشكل مباشر للمطالبات والنقد والحملات الممنهجة، في حين أن المؤسسات والهيئات التي تتولى صرف اعتمادات ضخمة توجد خارج التغطية النقدية والتقييم الموضوعي”.

وأوضح أن “هذا الوضع يجعلنا نتساءل كيف ستتمكن الجماعات الترابية من الوفاء بالحاجيات الترابية من تجهيزات وبنيات تحتية وصيانة وضعيتها وإحداث مشاريع تنموية محلية أمام هذا الحيف في توزيع فرص النمو والاستثمار، وحتى هذه النسبة من الحصة الاستثمارية تكون محل شراكة ومساهمة مع القطاعات الحكومية والجمعيات والمؤسسات الأخرى في إطار الشراكة، مما يجعل الدولة تسترجع عبر الشراكة ما خصصته لهذه الجماعات رغم قلته”.

كما توقف بلعسال عند رفع سقف ميزانية الدفاع الوطني، مشيراً إلى أنه “تم تسجيل زيادة مهمة في الإنفاق العسكري بلغت 157 ملياراً و171 مليون درهم تحت حساب النفقات المسمى اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير صناعة الدفاع”، مضيفاً أن هذا التوجه “يدعم الصناعة الدفاعية الوطنية والإنتاج الذاتي للأسلحة ويعزز سيادتنا الدفاعية وأمننا في بيئة إقليمية محفوفة بالمخاطر وغير آمنة من جميع الجهات”.

وعبّر بلعسال عن “تثمين فريقه لهذا التوجه نحو الصناعة العسكرية والدفاعية التي تضطلع بها قواتنا المسلحة الباسلة بجميع مكوناتها”، مؤكداً “الاعتزاز بالأدوار والصمود واليقظة التي تتحلى بها القوات المسلحة الملكية التي التزمنا في هذه المؤسسة بأولوية الترافع المتواصل على الرفع من مخصصاتها المالية والتنويه بإنجازاتها الميدانية على طول حدودنا”.

وفي الشق المتعلق بالسياسة المائية والفلاحية، قال رئيس الفريق إن فريقه “يثمن المشاريع المهيكلة التي أطلقتها بلادنا لضمان التزود بالماء للسقي والاستعمالات المعتادة”، مشدداً على “تسريع مواصلة تنزيل مكونات الاستراتيجية المائية لضمان الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي واستدامة البنية الفلاحية الحديثة التي راكمناها في العقدين الأخيرين”. وأكد “انشغال الفريق واهتمامه بابتكار حلول استباقية ومستدامة لتأمين مواردنا المائية، واستغلال منابع المياه التي تضيع في البحر، وكذلك المياه العادمة ومياه الأمطار التي تختلط مع شبكة الصرف الصحي، مما يدعو إلى تعزيز السياسة المائية بالإلتقائية بين السياسات القطاعية وعقلنة استعمال المياه والتحسيس بالمسؤولية المؤسساتية والفردية في استهلاك المياه مع المحافظة على حقوق الأجيال القادمة”.

وفي ما يتعلق بالقطاعات الاجتماعية، أبرز بلعسال أن “الرهان على الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة مرتبط بتسريع وتيرة إصلاح قطاعي الصحة والتعليم، حيث حظي هذان القطاعان بزيادة ضخمة في غلافهما المالي وفي حصتهما من الموارد البشرية بلغا في مجملها 140 مليار درهم و27.344 منصباً مالياً برسم سنة 2026”، موضحاً أن ذلك تم “بفضل العناية الملكية وحرص جلالته على تكريس أولوية هذين القطاعين الاجتماعيين الحيويين ضمن المخرجات الأساسية للنموذج التنموي الجديد”.

ودعا بلعسال إلى “أن يجد هذا الاهتمام عرضاً بشرياً كافياً ومناسباً لسد الخصاص المهول في قطاع الصحة من التخصصات الطبية والأطر الصحية والتقنية لمواكبة الإصلاح الصحي الترابي قيد التنزيل وفق معايير وتحفيزات استقطابية للأطر والكفاءات الطبية لتعزيز شبكة المؤسسات الصحية الوطنية والجهوية لفائدة المرضى قبل المصحات الخاصة”.

وأشار إلى أن “عدد الموظفين الذين سيحالون على المعاش خلال الخمس سنوات القادمة سيبلغ 68.418 موزعين على مختلف القطاعات، وهو ما ستكون له تداعيات تدبيرية على مرافق الدولة من تعليم وصحة وغيرها وعلى الوضعية المالية لصندوق التقاعد”، معتبراً أن “المتقاعدين يعانون من جمود معاشاتهم التي لم تعد تساير المستوى التصاعدي لتكاليف المعيشة”.

وفي ختام مداخلته، تطرق بلعسال إلى التوقعات الماكرو اقتصادية لمشروع القانون المالي، موضحاً أن “الفرضيات المعتمدة ترتكز على نسبة نمو 4.6 في المائة، ومحصول حبوب يبلغ 70 مليون قنطار، وسعر غاز البوتان بـ500 دولار للطن، ومعدل تضخم 2 في المائة، وسعر صرف اليورو مقابل الدولار 1.11، والطلب الدولي الموجه للمغرب بنسبة 2.3 في المائة”، محذراً من “العوامل التي قد تؤثر على هذه الفرضيات، كاضطراب المناخ، والأمن السبراني، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات الديمغرافية، والمخاطر الأخلاقية والقيمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والتفاوتات الاجتماعية الصارخة”.

وقال بلعسال إن “استحضار هذه المخاطر القائمة ليس من باب التشاؤم واليأس، بل الهدف هو الحذر والتوقع، لأن السياسة هي فن التوقع لبناء سياسات بهياكل وقائية فعالة قادرة على امتصاص ومعالجة التوترات في بدايتها قبل استفحالها وانتشارها وتجنب الصدمات والإرباك المكلفين”. وأضاف أن “للمغرب تجارب ناجحة في تدبير الأزمات، كما حدث في زلزال الحوز والأزمة الصحية، ما يبرز القدرة على التكيف والاستباق”.





Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة