زنقة20ا الرباط
أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المقاربة الملكية في تدبير ملف الصحراء المغربية اتسمت منذ البداية بـ“تأني استراتيجي” مدروس، قائم على تحديد أهداف مرحلية واضحة، مكنت المغرب من تحقيق مكاسب دبلوماسية كبرى في التوقيت المناسب.
وأوضح بوريطة، في تصريح ضمن برنامج خاص بثته القناة الثانية مساء امس، أن جلالة الملك محمد السادس اعتمد مقاربة متأنية “قد يراها البعض تباطؤاً في الزمن، لكنها في الحقيقة كانت تخطيطا استراتيجيا دقيقا لتهيئة الظروف السياسية الدولية حتى تنضج الأمور ويحين وقت جني الثمار”، مشيرا إلى أن هذا النهج مكّن المملكة من تعزيز مصداقيتها وشراكاتها الدولية.
وأضاف الوزير أن “الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020 من طرف الرئيس دونالد ترامب لم يكن محطة عابرة، بل تحوّل إلى ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية مع الدول”، موضحا أن “التفاعل الذي قاده جلالة الملك مع إدارة الرئيس جو بايدن لاحقا جعل هذا القرار مكسبا دائما، بل واحدا من القرارات القليلة التي حافظت عليها الإدارة الجديدة بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض”.
وشدد بوريطة على أن “جلالة الملك يعطي الثقة لشركائه الدوليين، وإذا التزم بإنجازٍ أو تعهدٍ فإنه ينفذه، وهو ما جعل مصداقية المغرب ترتفع لدى القوى العالمية”.
وأشار إلى أن مرحلة ما بعد القرار الأمريكي شهدت عملاً دبلوماسياً مكثفا مع القوى الأوروبية الكبرى، حيث “تمكنت الدبلوماسية المغربية من كسب مواقف إيجابية من دول وازنة مثل إسبانيا سنة 2021، ثم ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، وهي دول تعرف جيداً جذور الملف بحكم ارتباطها التاريخي بالمنطقة”.
وفي السياق ذاته، ذكّر بوريطة بالدور الكبير الذي لعبته الدبلوماسية الملكية في إفريقيا، خاصة بعد قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، قائلاً: “كانت معركة سياسية ودبلوماسية قادها جلالة الملك بثقة ورؤية، إذ انطلقت من دعم 28 دولة إفريقية وكان علينا استقطاب 42 دولة إضافية لمساندة المغرب في وحدته الترابية”.
وأشار الوزير إلى أن “جولة جلالة الملك في تسع دول إفريقية من بينها إثيوبيا، نيجيريا، تنزانيا، زامبيا، جنوب السودان وغانا، مكّنت من تغيير مواقف عدد من هذه الدول لصالح المغرب”، مؤكداً أن “عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي شكلت نقطة تحول استراتيجية منحت القضية الوطنية دفعة قوية في القارة”.
وشدد وزير الخارجية على أنه اليوم أكثر من 23 دولة أوروبية تعتبر مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الواقعي والجاد والوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية”، وهو ما يعكس نجاح الرؤية الملكية المتبصرة التي جمعت بين الواقعية، المصداقية، والتأني الاستراتيجي.



