بَعد جدل “طَحن الورق بالدقيق”.. “أونسا” تكشف لـ “الصحيفة” أنها سحبت رخصا وأتلفت أطنانا من الدقيق غير المُطابق للمعايير الصحيّة

admin29 أكتوبر 2025آخر تحديث :
بَعد جدل “طَحن الورق بالدقيق”.. “أونسا” تكشف لـ “الصحيفة” أنها سحبت رخصا وأتلفت أطنانا من الدقيق غير المُطابق للمعايير الصحيّة


في خضم الجدل الذي أثارته تصريحات رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أحمد التويزي، حول “طحن الورق بالدقيق”، قدم المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) توضيحا خاصا لـ”الصحيفة”، تضمّن معطيات حول واقع مراقبة المطاحن وجودة الدقيق الموجه للاستهلاك.

وأكدت “أونسا” في تصريح لـ “الصحيفة”، أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يقوم بالترخيص الصحي للمطاحن ومراقبتها بانتظام، وذلك عبر  الترخيص الصحي والمراقبة المستمرة، حيث منح المكتب إلى غاية سنة 2025 ما مجموعه 191 ترخيصًا صحيًا للمطاحن، وذلك بعد التحقق من احترامها لمعايير النظافة والسلامة الصحية ومراحل الإنتاج والعنونة، كما تخضع هذه المطاحن لزيارات تفتيش صحية دورية تهدف إلى التأكد من مدى التزامها بهذه المعايير، حيث تم إنجاز 212 زيارة تفتيشية خلال سنتي 2024 و2025.

وارتباطا ببرنامج المراقبة والتحاليل المخبرية للدقيق، أشارت “أونسا” أن المكتب ينفذ برنامجا وطنيا سنويا لمراقبة المطاحن، يشمل أخذ عينات من مختلف أنواع الدقيق لتحليلها والتأكد من سلامتها الصحية، وتشمل هذه التحاليل البحث عن الملوثات مثل الأفلاتوكسين، الأوكراتوكسين A، والزيرالينون، بالإضافة إلى التحقق من مطابقة الدقيق من حيث نسبة المعادن، الرطوبة، الحموضة الدهنية، ونسب الحديد والبروتين.

أما المراقبة الميدانية على مستوى الأسواق ونقاط البيع، فشدّد المصدر ذاته على أنّ المكتب يقوم بعمليات مراقبة ميدانية للدقيق المعروض في الأسواق ونقاط البيع، في إطار عمل اللجان المحلية المختلطة، للتأكد من احترام شروط السلامة الصحية.

وخصت “أونسا”، “الصحيفة” بنتائج المراقبة برسم سنتي 2024 و2025 موردة أنه خلال سنة 2024، تم أخذ 710 عينة من الدقيق على مستوى المطاحن والأسواق ونقاط البيع، وتم حجز وإتلاف 38 طنًا، كما تمت إحالة 89 ملفًا على المصالح المختصة للبث فيها.

 أما خلال سنة 2025 (إلى غاية نهاية شهر شتنبر)، فقد تم أخذ 577 عينة، وحجز وإتلاف 33 طنًا، كما تمت إحالة 60 ملفًا على المصالح المختصة. وخلال السنة نفسها قام مكتب “أونسا” بسحب 9 رخص صحية وتعليق 4 تخص بعض المطاحن غير المطابقة للمعايير الصحية المعمول به.”

وبهذا التوضيح، قدّم المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية عرضا بالأرقام والإجراءات الرقابية التي يقوم بها، مؤكدا من خلاله أن منظومة المراقبة الصحية للمطاحن والدقيق بالمغرب تخضع لمتابعة صارمة تشمل الترخيص، المراقبة المستمرة، التحاليل المخبرية، والتدخلات الميدانية، وأن كل مخالفة يتم ضبطها تقابل بإجراءات قانونية حازمة تشمل الحجز والإتلاف، وسحب الرخص أو تعليقها عند الاقتضاء، بما يضمن سلامة المنتوج الموجه للمستهلك المغربي ويؤكد استمرارية الثقة في جودة الدقيق الوطني.

وتفجّر الجدل بداية داخل المؤسسة التشريعية عندما أطلق أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عبارة “طحن الورق بالدقيق” خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، في سياق حديثه عن ما اعتبره اختلالات داخل بعض المطاحن المستفيدة من الدعم العمومي. العبارة التي قيلت داخل قبة البرلمان سرعان ما تحوّلت إلى قضية رأي عام، بعد أن تم تداولها على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، باعتبارها اتهاما صريحا لمهنيي القطاع بممارسات تمس سلامة الغذاء وجودة الدقيق الموجّه للمستهلك المغربي.

العبارة المجازية التي استعملها التويزي خرجت عن سياقها وأُخذت بمعناها الحرفي، لتثير موجة من الاستنكار وسط الفاعلين في قطاع المطاحن، الذين رأوا فيها مسًّا بسمعة مئات الوحدات الإنتاجية التي تخضع أصلاً لمراقبة دورية من قبل السلطات الصحية، كما دخلت الفيدرالية الوطنية للمطاحن على الخط، معبّرة عن استغرابها من هذه التصريحات  ومطالبة بفتح تحقيق رسمي لتبيان الحقائق، كما أن الخلط بين المجاز والحقيقة في ملف حساس كهذا من شأنه أن يزرع الشك في نفوس المواطنين ويضرب الثقة في منتوج وطني أساسي.

لاحقًا، حاول التويزي احتواء الجدل، موضحا أن “طحن الورق” لم يكن المقصود به خلط الورق فعليًا بالدقيق، بل هو تعبير متداول في اللهجة المغربية يُقصد به التلاعب في الفواتير أو الوثائق المحاسبية، في إشارة إلى شبهات فساد إداري أو تلاعب في الدعم المالي الموجه للمطاحن.

وأكد أن حديثه كان يهدف إلى تنبيه الحكومة إلى ضرورة تشديد الرقابة على منظومة الدعم وليس إلى إثارة البلبلة أو التشكيك في جودة القمح والدقيق.

غير أن حجم التفاعل الشعبي والإعلامي الذي أثارته عبارته جعل المسألة تتجاوز حدود التوضيح، فانتقلت من جدل لغوي إلى نقاش مؤسساتي حول فعالية الرقابة الصحية على المطاحن وشفافية تدبير الدعم العمومي، وهنا جاء توضيح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) ليضع النقاش في إطاره التقني والمؤسساتي، مقدّمًا بالأرقام والوقائع ما يثبت أن القطاع يخضع لمراقبة دائمة صارمة تشمل التحاليل المخبرية، والتفتيش الميداني، وسحب الرخص في حال وجود مخالفات.

وبذلك أصبح الجدل حول “طحن الورق بالدقيق” نافذة لكشف عمق التحديات التي تواجهها منظومة المراقبة الصحية في المغرب، وأيضًا مناسبة لتذكير الرأي العام بأن المؤسسات الرقابية القائمة، وعلى رأسها أونسا تتابع هذا القطاع الحيوي وفق مقاربة علمية متواصلة تهدف إلى حماية صحة المستهلك وترسيخ الثقة في جودة المواد الأساسية التي تستهلكها الأسر المغربية يوميًا.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة