زنقة 20 | الرباط
في تحول لافت في مواقفها التقليدية تجاه ملف الصحراء، أعلنت روسيا، عبر وزير خارجيتها سيرغي لافروف، عن استعدادها لدراسة ودعم مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل واقعي للنزاع المستمر منذ عقود، شريطة أن يحظى بقبول من جميع الأطراف المعنية وتحت إشراف الأمم المتحدة.
جاء هذا الإعلان خلال لقاء عقده الوزير الروسي مع وسائل إعلام عربية في موسكو، حيث وصف لافروف المبادرة المغربية بأنها «أحد أشكال تقرير المصير المعترف بها من طرف الأمم المتحدة»، في إشارة واضحة إلى تغير في اللهجة الروسية الرسمية مقارنة بمواقفها السابقة، التي اتسمت بالحياد الحذر والتمسك بمسافة متوازنة بين الرباط والجزائر.
تحول استراتيجي
ولسنوات طويلة، دأبت موسكو على التعبير عن “أخذها علماً” بالمبادرة المغربية دون إبداء دعم صريح لها، خصوصاً في ظل علاقاتها الإستراتيجية والعسكرية الوثيقة مع الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو.
ويأتي هذا التحول الجذري في موقف موسكو بحسب مراقبين ، قبل أيام من التصويت المرتقب في مجلس الأمن، في 30 أكتوبر الجاري، على القرار الجديد بشأن الصحراء.
وأكد لافروف أن روسيا “تدعم مبدأ تقرير المصير من خلال الحوار، وليس عبر خطوات أحادية”، مشيراً إلى أن الدينامية السياسية حول هذا الملف شهدت تطوراً ملموساً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء أواخر عام 2020.
قراءة في الموقف الجديد
ويرى مراقبون أن الموقف الروسي الجديد يحمل دلالات استراتيجية تتجاوز مجرد التصريحات الدبلوماسية، إذ يعكس إدراكاً متزايداً لدى موسكو بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تكتسب زخماً دولياً متصاعداً، وتُنظر إليها على نطاق واسع كخيار عملي لإنهاء النزاع، خاصة في ظل انسداد أفق تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي دعت إليه قرارات الأمم المتحدة منذ تسعينيات القرن الماضي.
كما أن التغير في الموقف الروسي يأتي في سياق جيوسياسي أكثر تعقيداً، حيث تسعى موسكو إلى تعزيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي في القارة الإفريقية، ولا سيما في شمال إفريقيا، بما ينسجم مع مصالحها السياسية في المنطقة.
في الجزائر… هل من مراجعة قريبة؟
التحول الروسي يطرح تساؤلات حول مستقبل الموقف الجزائري، الذي ظل متشدداً في رفض أي حل خارج عن إطار “الاستفتاء”، رغم المتغيرات المتسارعة على الساحة الدولية. فهل تمثل هذه الخطوة الروسية مؤشراً على بداية تراجع الدعم الدولي لطرح البوليساريو؟ وهل سيتعين على الجزائر إعادة النظر في مقاربتها للقضية؟.

 
						

