أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب; أنه لن يشارك في قمة مجموعة العشرين المزمع عقدها في نونبر المقبل بمدينة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، مكتفيا بإيفاد نائبه جي دي فانس لتمثيل الولايات المتحدة.
وبرّر ترامب قراره بالخلافات السياسية العميقة مع بريتوريا، التي تتولى هذا العام رئاسة مجموعة العشرين المكونة من الاقتصادات الصناعية الكبرى والاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
الموقف الأمريكي لا يبدو مفاجئا بالنظر إلى المنحى المتدهور للعلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، فمنذ ذلك التاريخ، اتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة من الإجراءات العقابية ضد بريتوريا، بدءا بتجميد المساعدات وصولا إلى منح اللجوء لمجموعة من المواطنين البيض في جنوب إفريقيا.
هذه الاتهامات ارتبطت بالقانون رقم 13 لسنة 2024، الذي يجيز مصادرة الأراضي بجنوب إفريقيا في بعض الحالات دون تعويض، كجزء من مسعى لمعالجة اختلالات تاريخية في توزيع الأراضي بعد حقبة الأبارتهايد، وبينما ترى حكومة رامافوسا أن هذا القانون خطوة نحو العدالة الاقتصادية، تصفه إدارة ترامب بأنه أداة للاضطهاد العنصري ضد البيض.
الخلاف لا يتوقف عند الداخل الجنوب إفريقي، بل يمتد إلى ملفات السياسة الخارجية، فقد أثار موقف بريتوريا المحايد من الحرب الروسية الأوكرانية استياء كبيرا في واشنطن، خاصة بعد تنظيمها مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا والصين في فبراير 2023، بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب.
كما وجّه السفير الأمريكي حينها اتهامات مباشرة لجنوب إفريقيا بتزويد موسكو بالسلاح، رغم أن التحقيقات لم تثبت ذلك، إلى جانب العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية المتينة بين بريتوريا وبكين وطهران والتي تعد دليلا إضافيا، في نظر واشنطن، على تقارب جنوب إفريقيا مع خصومها الجيوسياسيين.
وتفاقمت الخلافات أكثر بين واشنكن وبريتوريا مع رفع جنوب إفريقيا قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023، متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهي خطوة اعتبرتها واشنطن محاولة غير مبررة لتجريم حليفها الاستراتيجي، وسارعت إلى رفضها علنا، ما عزز صورة الانقسام الأيديولوجي العميق بين البلدين.
ولم يُخف ترامب أيضا انزعاجه من دور جنوب افريقيا النشط داخل مجموعة “بريكس”، التي يرى فيها وسيلة لتحدي الهيمنة الغربية وتوسيع نفوذ نظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على تقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي في المبادلات التجارية.
وفي ظل استمرار هذه التوترات وقرار دونالد ترامب بعدم حضور قمة العشرين المقررة في جوهانسبرغ يعكس إذن حجم الهوة التي تفصل بين الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا إحدى أكبر الدول المعادية للوحدة الترابية المغربية، ويشير إلى مرحلة جديدة من البرود الدبلوماسي، حيث يطغى الطابع التصادمي على أي فرص للتقارب .



