ترك الأجير عمله لإهانة من المُشغل يُعدُّ طردا تعسفيا

admin11 ديسمبر 2025آخر تحديث :
ترك الأجير عمله لإهانة من المُشغل يُعدُّ طردا تعسفيا


أقر حكم قضائي حديث صادر عن محكمة النقض، أن مُغادرة أجير عَمله نتيجة المس بكرامته من طرف مشغله تعد مغادرة اضطرارية لا طَوعية، وتجعل الفصل الذي تعرض له مَشوبا بالتعسف مما يتعين معه الحكم له بالتعويضات القانونية.

ويستفاد من وثائق الملف، الذي اطلعت جريدة “مدار21” على نسخة منه، أن الطالب (أي الأجير) تقدم بمقال عرض من خلاله أنه التحق بالشغل لدى المطلوبة (أي الشركة) منذ شهر فبراير من سنة 2011، وأنه بتاريخ 2017/05/24 تم فصله تعسفيا من الشغل ملتمسا الحكم له بمجموعة من التعويضات، بينما أجابت الشركة بالدفع بمغادرة الطالب لشغله طوعاً، وأنها قد أنذرته بالرجوع إلى الشغل عن طريق البريد المضمون ولم يستجب.

وبعد إجراء بحث والاستماع إلى الشهود والتعقيب وتأكيد الطالب بأنه تعرض للسب والشتم من طرف مشغله، أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها القاضي على المطلوبة بأداء التعويضات المستحقة عن الفصل التعسفي. غير أن الملف لم ينته عند هذا الحد، إذ استأنفت الشركة، وبعد الجواب والتعقيب، أصدرت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض عن الإخطار والفصل والضرر.

لجأ الأجير بعدها لمحكمة النقض حيث عاب على القرار الاستئنافي خرق مقتضيات المادة 40 من مدونة الشغل، وفساد التعليل الناتج عن تحريف الوقائع، وخرق قواعد الترجيح، ذلك أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بنت قرارها على أساس أن الطاعن غادر شغله تلقائيا، لكونه لم يستجب للإنذار الموجه إليه من أجل الرجوع إلى الشغل.

في حين أن المادة 40 من مدونة الشغل تنص على أن مغادرة الأجير لشغله حينما يعتدي عليه المشغل بالسب الفادح أو أي نوع من العنف، يُعد ذلك بمثابة فصل تعسفي من الشغل.

إضافة إلى ذلك، أوضح دفاع الأجير أنه تم الإدلاء بقرص مدمج يُثبت الواقعة، كما أن المحكمة الاستئنافية رجحت شهادة الشهود بمغادرة الأجير عمله طوعاً، والتي يحتمل فيها الصدق والكذب، على مقتضى حكم قضائي، وهو يُعد حجة رسمية لا يطعن فيها إلا بالزور، فتكون قد بنت قرارها على وقائع مخالفة وخالفت قواعد ترتيب وسائل الإثبات من حيث قوة حجيتها في الإثبات باعتمادها شهادة الشهود واستبعادها حجة رسمية.

إضافة إلى ذلك فإن المشكل المطروح ليس هو صحة ثبوت مغادرة الطاعن لشغله من عدمه، لأنه لا خلاف حول صحة تلك الواقعة، وإنما المشكل يتمحور حول تكييف تلك الواقعة، هل تعد مغادرة تلقائية للشغل أم مغادرة اضطرارية؟ وأن المحكمة لما توقفت عند وصف الواقعة بالمغادرة دون ربطها بالظروف المحيطة بها والسبب في وقوعها، تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا يوازي انعدامه، مما يعرضه للنقض.

وأقرت محكمة النقض صحة ما عابه الطاعن على القرار؛ “ذلك أن المشغل إذا كان يملك بما له من سلطة تنظيمية لتدبير شؤون الشغل داخل المقاولة توجيه الأوامر إلى الأجراء، فإنه لا ينبغي استعمال كلمات غير لائقة تمس بكرامة الأجير وتهينه”.

والثابت من وثائق الملف أن المحكمة بنت قرارها على أساس أن الطاعن غادر شغله تلقائيا، لعدم استجابته للإنذار الموجه إليه من أجل الرجوع إلى الشغل في حين أنه قد أدلى بنسخة من حكم جنحي، يفيد إدانة المحكمة للمشغل من أجل جنحة السب والشتم الموجه ضد الطالب، أثناء محاولته مغادرة مقر الشركة وذلك باستعمال عبارة غير أخلاقية تنال من كرامة الأجير، وهي الواقعة التي التقطتها كاميرات المراقبة، وتم تضمينها بقرص مدمج.

واستنادا إلى مقتضيات المادة 40 من مدونة الشغل، فإن توجيه المشغل الأمر للأجير بمغادرة مقر العمل، مستعملا كلمات خارجة عن نطاق الآداب العامة، يعد نوعا من أنواع العنف المشار إليه بالمادة 40 من مدونة الشغل، تسمح للأجير بمغادرة الشغل، وتعد تلك المغادرة بمثابة فصل تعسفي، وأن المحكمة بعدم مراعاتها مقتضيات المادة 40 من مدونة الشغل، تكون قد بنت قرارها على أساس غير سليم من القانون، وعرضته للنقض.

ولهذه الأسباب، قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون، وإحالة ملف القضية على المحكمة نفسها، لإعادة البت فيها من جديد طبقا للقانون، وبهيئة أخرى، وتحميل المطلوبة الصائر.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة