زنقة 20 / الرباط
أثارت التصريحات الأخيرة لعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد أن لوّح ضمنياً باحتمال تعرّض المغرب، بل وحتى مقر حزبه، لهجوم إسرائيلي، في سابقة غير معهودة في الخطاب السياسي الوطني.
“لا مانع أن تقصف إسرائيل المغرب و مقر العدالة والتنمية”
في اجتماع الأمانة العامة لحزبه يوم السبت 13 شتنبر 2025، صرّح بنكيران قائلاً: “لا أرى مانعاً أن تقصف إسرائيل المغرب بعدما قصفت قطر”.
و أضاف : “حنا المغاربة بغينا الحكام ديالنا يتصرفو بما نشعر به بأن لنا كرامة و مطمئنون في بيوتنا و فوق أراضينا.. ما يجمعنا مع حكامنا عقد يلتزمون بواجب حمايتنا ، دابا الآن ما كنشعروش بأنفسنا محميين، لا أرى مانعا في أن مقر الحزب تقصفه اسرائيل عن بعد ، أنا شخصيا جد جد جد متشائم”.
وزاد : ” أقول لرؤساء وملوك و أمراء العرب ارجوكم أن تكونوا واضحين في القمة العربية المرتقبة في قطر.. نحن كمواطنين مهددين و أنتم مهددون في عروشكم.. إذا الشعوب مابقاتش كتشعر أن الحكام كيحميوها سينحل الميثاق و ستبحث الشعوب عن حل آخر.. هذا هو منطق السياسة”.
تصريحات بنكيران اعتبرها العديد من المتتبعين أنها تشكيك مباشر في قدرة الدولة على حماية أراضيها ومؤسساتها السياسية.
خطاب يتجاوز المعارضة السياسية
فيما اعتادت الساحة السياسية المغربية على لهجة بنكيران الحادة ، فإن التصريحات الأخيرة تخطت، حسب عدد من المراقبين، حدود المعقول في الخطاب السياسي، بعد أن ألمح بشكل غير مباشر إلى أن السيادة الوطنية مهددة، وأن الدولة المغربية ليست بمنأى عن خطر عسكري خارجي.
واعتبر محللون أن هذا النوع من الخطاب “قد يُفهم داخلياً وخارجياً كإقرار ضمني بعجز مؤسسات الدولة عن حماية حدودها وأمنها القومي، وهو ما يتعارض مع المبادئ الدستورية التي ترتكز على وحدة الدولة واستقلال قرارها الأمني والعسكري”.
أمن الدولة خط أحمر
مراقبون اعتبروا أن الحديث عن استهداف التراب الوطني من قبل قوى أجنبية، دون استناد إلى معطيات رسمية أو تقارير استخباراتية، يدخل في خانة “التهويل الخطير” و”المسّ المعنوي بأمن الدولة”، خاصة إذا صدر عن مسؤول حكومي سابق يفترض فيه التحلي بالمسؤولية.
كما شددوا على أن المغرب “دولة ذات سيادة كاملة، تقرر خياراتها الاستراتيجية بتوازن، وتملك من الوسائل ما يكفي لحماية حدودها ومؤسساتها، ولا تقبل أن يُزجّ بأمنها في خطابات سياسوية تبحث عن التجييش دون تقدير للعواقب”.
بين المعارضة والمسؤولية
ويرى بعض الفاعلين السياسيين أن بنكيران يحاول عبر هذه التصريحات إعادة حزب العدالة والتنمية إلى الواجهة، بعد فترة من التراجع السياسي والشعبي، عبر استثمار التوترات الإقليمية لإثارة القضايا الوطنية الحساسة.
إلا أن مراقبين آخرين يحذرون من أن الخلط بين المعارضة السياسية ومواقف “تهدد الإحساس الوطني بالأمن والسيادة” يُعد منزلقاً خطيراً، يتطلب وقفة تأمل من داخل الحزب نفسه.
القانون والمحاسبة
وفي ظل عدم صدور أي توضيح من الحزب لتصريحات أمينه العام، يُطرح السؤال حول مدى إمكانية مساءلة الخطاب السياسي عندما يقترب من التشكيك بأركان الدولة ومؤسساتها السيادية، حتى وإن جاء ضمن نقاشات داخلية أو لقاءات حزبية.
فالقانون الجنائي المغربي، في فصوله المتعلقة بأمن الدولة، يُميز بين النقد المشروع وبين “الإشاعات والتصريحات التي قد تُفسر كمساس بالطمأنينة العامة أو استهداف لمعنويات الجيش ومؤسسات الدولة”.
تصريحات عبد الإله بنكيران، والتي تضمنت عبارات غير مسبوقة بشأن إمكانية استهداف المغرب من طرف إسرائيل، فتحت الباب أمام نقاش عميق حول حدود حرية التعبير السياسي ومسؤولية الفاعلين الحزبيين في الحفاظ على صورة الدولة وأمنها السيادي.

						

