أثار إعلان قائد الجيش الليبي شرق البلاد، المشير خليفة حفتر، تعيين نجليه صدام وخالد في مناصب عليا داخل المؤسسة العسكرية، اهتمام مراقبين ليبيين ودوليين، حيث وُصفت الخطوة بأنها تحمل أبعادا مماثلة لتجربة حكم معمر القذافي، الذي سيطرت عائلته على مفاصل الدولة، من الجيش إلى المؤسسات الاقتصادية والرياضية والثقافية.
ففي منتصف غشت الجاري، صادق البرلمان الليبي المنعقد في بنغازي على تعيين صدام حفتر، البالغ من العمر 34 عاما، نائبًا للواء خليفة حفتر، ما منح الرجل الثاني في المؤسسة العسكرية شرعية سياسية وعسكرية، ووسع نفوذه على القوات المسلحة الليبية.
كما عُيّن شقيقه خالد (نجل المشير حفتر )رئيسًا للأركان، وهو ما يعكس تركيز السلطة داخل دائرة عائلية، تشبه في بعض ملامحها هيكل السلطة الذي اعتمدته عائلة القذافي قبل سقوط نظامه سنة 2011 بعد ثورة ضمن “ربيع عربي”بدأت شرارته من تونس ومنها الى مصر ثم ليبيا وسوريا ودول غربية أخرى .
وتحدثت تقارير ليبية، أن هذه التعيينات تأتي ضمن رؤية حفتر 2030 لتطوير الجيش، لكنها تتجاوز الإطار العسكري لتشمل أبعادًا سياسية واستراتيجية، تهدف إلى تثبيت حكم عائلي طويل الأمد على مفاصل الدولة، بما في ذلك التحكم في الموارد الاقتصادية والتمويل المرتبط بالقطاع النفطي وشركات إعادة الإعمار والتنمية.
وتعكس خطوة خليفة حفتر محاولة لإعادة إنتاج نموذج السلطة العائلية بليبيا، مع الاستفادة من القوة العسكرية والموارد الاقتصادية، لكن ضمن ظروف سياسية دولية وإقليمية مختلفة، ومع تقنيات جديدة لإدارة النفوذ والتواصل الدبلوماسي، بالمقارنة مع مرحلة نظام امعمر القذافي سابقا .
ولاحظت تقارير صحفية، بينها صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن هذه الخطوة لم تواجه رفضًا واسعًا داخليًا أو خارجيًا، حيث اكتفى رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس محمد تكالة بتصريح مقتضب، فيما التزمت القوى الدولية بالصمت، بما فيها تركيا، التي سبق لها التدخل لإيقاف تقدم قوات حفتر نحو العاصمة في 2020، وهو مايعزز – بحسب لوموند- فرص حفتر لترسيخ حكم عائلي طويل المدى، مشابهًا لنموذج القذافي، مع الحفاظ على السيطرة على المؤسسات العسكرية والاقتصادية لضمان استمرار النفوذ.
ويأتي الإعلان عن التعيينات في توقيت حساس، بالتزامن مع عرض المبعوثة الأممية هانا تيتيه خريطة طريق جديدة لإجراء انتخابات خلال 12 إلى 18 شهرا بليبيا، ما يطرح تساؤلات حول الرسالة التي يوجهها حفتر للمجتمع الدولي بشأن مسار ليبيا السياسي، ومدى التزامه بالانتقال الديمقراطي.



