زنقة 20. الرباط
لازال موضوع تفويت الأراضي السلالية يثير الكثير من الجدل، بعدما تفجرت منطقة الغرب على وقع فضيحة كبرى يعتقد أن جهات وأجهزة مختلفة متورطة فيها، وهو يتطلب فتح تحقيق في أي تجاوزات مفترضة.
ويتعلق الأمر بظاهرة السطو على الأراضي السلالية التي إنتعشت بقوة خلال العشر سنوات الأخيرة، بأقاليم جهة الغرب، خاصة القنيطرة وسيدي سليمان والخميسات.
فخلال هذه السنة فقط، تفجرت فضائح كبرى وذلك باستعمال وثائق إدارية مزورة لعشرات الهكتارات كما نقلت ذلك صحيفة “الأخبار”، لعدد الخميس، تتضمن تواريخ سابقة على صدور القوانين الجديدة المتعلقة بالأراضي السلالية، والتي تمنع بيع أو تفويت هذه الأراضي خارج المساطر القانونية المنصوص عليها.
إلى ذلك، كشفت مصادر جريدة Rue20 بأن مقاولاً شهيراً بطنجة، حصل قبل سنتين على 600 هكتار من هذه الأراضي السلالية بطرق مشبوهة ضواحي القنيطرة، لزراعة الأفوكا لازالت تتخلها مشاكل مسطرية، كما حصل برلماني وقيادي حزبي بالأغلبية الحكومية على عشرات الهكتارات لذات الغرض بينما تحوم شكوك حول شراكته مع عامل سابق بوزارة الداخلية.
ونشرت صحيفة “الأخبار” حسب مصادرها أن عمليات السطو على الأراضي السلالية مازالت متواصلة، حيث يتم تفويت وبيع قطع أرضية عن طريق عقود مزورة يتم التوقيع عليها بتواريخ قديمة تعود إلى سنوات قبل 2020، وأوضحت المصادر أن هناك شبكة متخصصة في تزوير هذه العقود والتوقيع عليها بمصالح تصحيح الإمضاءات بجماعات معروفة بأقاليم الخميسات والقنيطرة وسيدي سليمان، حيث يتم تسجيل هذه العقود والوثائق بتواريخ سابقة في سجلات تتضمن خانات بأرقام فارغة تعود إلى سنوات، ما يستدعي فتح تحقيق من طرف السلطات القضائية ومصالح وزارة الداخلية.
وكانت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، قد تعاملت بصرامة مع ظاهرة السطو على الأراضي السلالية بمنطقة الغرب، حيث أحالت عدد من الملفات على رئاسة النيابة العامة، نظرا لخطورة الجرائم المقترفة، وكذلك بسبب وجود شبكة منظمة تمكنت من الاستحواذ على آلاف الهكتارات من الأراضي السلالية، تضم شخصيات نافذة ومنتخبين، بتواطئ مع نواب الجماعات السلالية ورجال سلطة، متورطين في تسليم شواهد إدارية مزورة كانت تستعمل في إستخراج عقود تفويت أراض سلالية.
ومن جهة أخرى، فتحت المفتشية العامة لوزارة العدل تحقيقا موسعا حول توثيق عقود غير قانونية، استعملت في السطو على الأراضي السلالية بالعديد من المناطق، بعدما كشفت التحريات وجود تلاعبات خطيرة في عمليات لتفويت آلاف الهكتارات بدون سند قانوني، وباستعمال وثائق مزورة في بعض الحالات.
وأوضحت المصادر، أن وزارة الداخلية توصلت بتقارير حول توثيق عقود التفويت والتنازل عن عقارات مملوكة للجماعات السلالية بكيفية غير قانونية، ومنها التقرير النهائي الذي أنجزته المفتشية العامة لوزارة العدل، التي كلفها الوزير بإنجاز مهمة تفتيشية بعدد من الدوائر القضائية تخص بالأساس الاطلاع على كافة العقود الموثقة خارج القانون وضبط مختلف المتدخلين الذين يتواطؤون في هذه التلاعبات من أجل ترتيب الأثر القانوني عن ذلك.
وتوصلت وزارة الداخلية برسائل إخبارية تفيد قيام بعض أعضاء الجماعات السلالية بالتنازل أو تفويت قطع أرضية استفادوا من الانتفاع بها، لفائدة أشخاص أجانب عن الجماعات السلالية التي ينتمون إليها في خرق واضح لمقتضيات القانون المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير ممتلكاتها، وأبانت التحريات أن الأمر يتعلق بظاهرة أصبحت تكتسي طابع الخطورة البالغة، وتثير قلقا متزايدا، وتمس بالأمن القضائي، وثقة المواطنين في الأنظمة العقارية المنظمة بمقتضى نصوص قانونية لها طابع الإلزام، علما أن القانون المنظم للوصاية على الأراضي السلالية، ينص صراحة على عدم جواز تفويت أملاك الجماعات السلالية إلا في الحالات ووفق الشروط الواردة في القانون ونصوصه التطبيقية، وذلك تحت طائلة بطلان التفويت.
وتقوم مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية باعتبارها تمثل مؤسسة الوصاية على الأراضي السلالية، بضبط وإحصاء مختلف أنواع الاستغلالات الغير قانونية بتنسيق مع نواب الجماعات السلالية والسلطات الإقليمية والمحلية، بهدف تسوية وضعيتها القانونية والمالية مع الجهات الإدارية المستغلة لها أولا، ثم العمل على دراسة الطريقة السليمة الواجب اتباعها مع الأشخاص المستغلين من غير ذوي الحقوق من جهة ثانية.
وسبق لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أن وجه دورية إلى ولاة الجهات والعمال حول تدبير النزاعات القضائية المرتبطة بأملاك الجماعات السلالية، يحثهم من خلالها على أنه قبل رفع أية دعوى أمام القضاء بجميع أنواعه، يتعين الضبط الدقيق لموضوع هذه الدعوى والحصول على كافة المعطيات التقنية والقانونية والإدارية اللازمة، فإذا كان الأمر يتعلق بعقار فإنه يجب ضبط موقعه وحدوده ومشتملاته ووضعيته القانونية وموجب تملكه واستعماله الحالي وكيفية استغلاله، وإذا كان الأمر يتعلق بالمطالبة بتعويض سواء برسم الاستغلال غير القانوني أو برسم نزع الملكية أو بأداء المستحقات الكرائية أو غيره من المواضيع الأخرى فإنه يتعين ضبط الأساس القانوني للدعوى و الوثائق و الحجج اللازمة إبرازها ، و كل المعطيات الضرورية الأخرى.
وحسب الدورية، إذ كان الأمر يتعلق بالاستغلال غير القانوني من طرف الغير الأرض جماعية أو نصيب أحد أعضاء الجماعات السلالية فإنه يجب، بعد معاينة وإثبات واقعة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة قانونيا، كإثبات حال أو محضر المعاينة أو إشهاد السلطة المحلية ونواب الجماعات السلالية، وكان العقار محفظا
يجب تقديم طلب الافراغ عن طريق القضاء الاستعجالي مع مطالبة المستغلين غير القانونيين المدعى عليهم بأداء تعويضات عن الاستغلال غير القانوني أمام القضاء العادي (قضاء الموضوع)، وترفع دعوى الإفراغ مع التعويض أمام قضاء الموضوع في حالة وجود علاقة كرائية سابقة والحالات المماثلة التي يحتمل أن يصرح بشأنها القضاء الاستعجالي بعدم الاختصاص النوعي، وتمكنت الوزارة من الحصول على أحكام قضائية لصالح الجماعات السلالية، كما تم استخلاص مبالغ مالية مهمة، تنفيذا للأحكام القضائية الصادرة بخصوص نزع الملكية واسترداد الواجبات الكرائية.
وقامت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، بدراسة ومعالجة جميع الشكايات الواردة بخصوص الترامي والاعتداء على العقارات الجماعية، كما تكلفت بإمداد المحامين المتعاقدين معها بجميع الاجتهادات القضائية الصادرة لفائدة الجماعات السلالية لتوحيد العمل القضائي في مادة الأراضي الجماعية، وكذلك التمثيل الفعلي لمصالح الوصاية عبر الحضور في جلسات البحث التي تقررها المحاكم في مختلف الملفات، كما وضعت المديرية برنامجا معلوماتيا لتدبير الأراضي السلالية، وذلك لمواجهة أي محاولة للسطو أو الترامي على هذه الأراضي، وأوضحت المصادر، أن مصالح وزارة الداخلية تعمل على ضبط كل المعطيات المرتبطة بالجماعات السلالية وأملاكها وهيأتها النيابية وأعضائها، ويعتبر كناش محتويات أملاك الجماعات السلالية إحدى الآليات الرئيسية لضبط المعلومات المرتبطة بالأرصدة العقارية الجماعية حسب طبيعتها ووضعيتها القانونية وموقعها ومحتوياتها وأوجه استغلالها، وذلك في ارتباط عضوي بالجماعة المالكة ومختلف المساطر المنصبة على هذا العقار.



