سلّط موقع “ديفينسا” المتخصص في الشؤون العسكرية الضوء على خطوة اعتبرها استراتيجية ضمن مسار تحديث القوات المسلحة الملكية المغربية، والمتمثلة في إدماج مروحيات “أباتشي” القتالية ضمن الترسانة الجوية للمملكة.
وأوضح الموقع أن هذه الطائرات الهجومية، المعروفة بدقتها العالية في استهداف الأهداف الأرضية وقدرتها على العمل في مختلف الظروف المناخية، تمثل نقلة نوعية في القدرات العملياتية للمغرب، سواء في مهام الدفاع الوطني أو في إطار الشراكات الأمنية الإقليمية.
وأشار التقرير إلى أن اختيار المغرب لمروحيات أباتشي AH-64E يعكس توجها واضحا نحو تعزيز التفوق الجوي والتكامل بين مكونات القوات البرية والجوية، بالنظر إلى ما توفره هذه المقاتلات من إمكانيات في المراقبة والاستطلاع والاشتباك السريع.
وبحسب موقع “ديفينسا” فان هذه المروحيات تمثل قمة التكنولوجيا الغربية في مجال الطيران العسكري، إذ تجمع بين قوة نارية هائلة، ومنظومات استشعار متطورة، وقدرة عالية على البقاء في الميدان، فهي مجهزة بمدفع M230 عيار 30 ملم قادر على إطلاق أكثر من 600 طلقة في الدقيقة، وصواريخ AGM-114 Hellfire الموجهة المضادة للدروع، إضافة إلى صواريخ موجهة APKWS عيار 70 ملم، حصل المغرب على 588 وحدة منها، ما يمنحها دقة إصابة استثنائية حتى في ظروف الرؤية الصعبة.
كما تم تزويد الأباتشي المغربية – يضيف التقرير – بصواريخ جو-جو من طراز AIM-92H Stinger لتوفير قدرة محدودة على مواجهة الطائرات المسيّرة أو الأهداف الجوية البطيئة. غير أن نقطة قوتها الحقيقية تكمن في نظامها الإلكتروني المعقد، خصوصاً منظومة TADS/PNVS المتطورة للرؤية الليلية وتحديد الأهداف، المدعومة بكاميرات حرارية وتلفزيونية قادرة على العمل في جميع الظروف المناخية.
ولفت المصدر ذاته، إلى أن الرادار AN/APG-78 Longbow المثبّت بالمروحية، يعد أهم عناصر تفوقها، إذ يمكنه تتبع 128 هدفا في وقت واحد، واختيار أكثرها خطراً خلال ثوانٍ معدودة على مدى يصل إلى 16 كيلومتراً، ما يتيح إطلاق الصواريخ في نمط “أطلق وانسَ” من خلف السواتر الطبيعية مثل التلال أو الكثبان، مما يعزز فرص النجاة والفعالية في القتال.
وتعتمد الأباتشي حسب “ديفينسا” على محركين من نوع T700-701D بقوة إجمالية تتجاوز 4000 حصان، مما يمنحها سرعة تصل إلى 300 كلم/س ومدى عملياتي يقارب 480 كلم، وهي قادرة على العمل في أصعب الظروف الصحراوية من حرارة وغبار وارتفاعات عالية، حيث أن قابليتها للربط عبر شبكة Link 16 تتيح لها التكامل السلس مع باقي الأنظمة القتالية الحديثة، وهو ما يفتح الباب أمام تعاون تكتيكي واسع داخل ساحة المعركة.
الموقع الإسباني أشار إلى أن هذه القوة المدمّرة لا تخلو من تحديات، فالمروحيات تبقى عرضة لصواريخ الدفاع الجوي المحمولة على الكتف (MANPADS)، وهي الأسلحة التي شكلت ما يقارب نصف خسائر المروحيات الروسية خلال العام الأول من الحرب الأوكرانية، كما تمثل الكلفة التشغيلية المرتفعة تحديا؛آخر، إذ تُقدر الصفقة المغربية بحوالي 4.25 مليار دولار مع متطلبات صيانة وتدريب متواصلة.
ولتجاوز هذه القيود – يردف الموقع الإسباني – يعمل المغرب على تطوير بنية تحتية محلية للصيانة والتأهيل التقني ضمن اتفاقيات تعويض صناعي مع شركة بوينغ، إلى جانب تطوير عقائد تكتيكية مبتكرة تسمح باستغلال المروحيات في بيئة صحراوية ضد البوليساريو أو في حال مواجهة محتملة مع الجزائر.
ويُبرز التقرير أن الطيران المنخفض التكتيكي (NOE) سيلعب دورا محوريا في تكتيكات الأباتشي، من خلال استغلال التضاريس الصحراوية (كالتلال والكثبان) كغطاء طبيعي لتقليل البصمة الرادارية والبصرية، أما في مهام الإسناد الجوي القريب (CAS)، فستوفر الأباتشي قوة نارية دقيقة وسريعة الاستجابة لصالح القوات البرية المغربية، وهو الدور الذي كانت تؤديه مروحيات “غازيل” سابقاً ولكن بقدرات محدودة.
ويشير الموقع إلى أن التجربة التاريخية للمغرب مع مروحيات “غازيل” خلال حرب الصحراء أظهرت أهمية الدعم الجوي في صد هجمات البوليساريو، لاسيما خلال معركة السمارة سنة 1983 حين لعبت دورا محوريا في التصدي لهجوم واسع بالتنسيق مع طائرات F-5 وMirage F1. اليوم، تأتي الأباتشي لتأخذ هذا الدور إلى مستوى غير مسبوق من الدقة والفعالية.
وختم “ديفينسا” تقريره بالتأكيد على أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو بناء منظومة دفاعية متطورة ومتوازنة، تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والخبرة الميدانية، بما يرسخ مكانته كقوة عسكرية صاعدة في المنطقة المغاربية والمتوسطية.



