أفادت مذكرة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أمس الثلاثاء، بأن المغرب أحرز تقدما ملموسا على مستوى القضاء على الفقر المدقع، وتحسن مؤشر التنمية البشرية، أمام استمرار هشاشة القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة من السكان، واتساع الفقر الحضري، ما يبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي لا تزال تواجه التنمية الشاملة في المملكة.
وكشفت مذكرة المندوبية ما اعتبرته إنجازا بارزا تمثل في القضاء شبه التام على الفقر المدقع، حيث لم تتجاوز نسبته 0,3% سنة 2022، كما تراجع معدل الفقر المطلق بشكل لافت من 15,3% سنة 2001 إلى 1,7% سنة 2019، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 3,9% بفعل تداعيات الأزمات الأخيرة.
واللافت أن الفقر الذي كان متركزا تاريخيا في الوسط القروي أخذ يتسرب أكثر إلى المدن، إذ ارتفع عدد الفقراء في المجال الحضري من 109 آلاف شخص سنة 2019 إلى ما يزيد عن نصف مليون في 2022، ما يشير إلى تحولات بنيوية في خريطة الهشاشة الاجتماعية بالمملكة.
وتؤكد المعطيات الواردة في مذكرة مندوبية التخطيط، أنّ مسار التفاوتات في المغرب مرّ بثلاث مراحل متعاقبة منذ مطلع الألفية، الأولى ما بين 2001 و2014 حيث تراجع الفارق بشكل معتدل، مستفيدا من تحسن مستوى عيش الفئات الفقيرة والمتوسطة وتراجع مؤشر “جيني” من 40,6% إلى 39,5%.
أما المرحلة الثانية امتدت بين 2014 و2019 وعرفت تحسنا أوضح، إذ ارتفع متوسط مستوى المعيشة لدى الأسر الأقل دخلا بنسبة 3,9% سنويا مقابل 2,8% لدى الأسر الأكثر ثراءً، وهو ما ساهم في تضييق الفجوة وتراجع مؤشر “جيني” إلى 38,5%، وهو أدنى مستوى خلال عقدين.
فيما المرحلة الثالثة، بين 2019 و2022، فقد مثّلت تراجعا حادا في المكتسبات، بعدما أدت جائحة كوفيد-19 وارتفاع التضخم والجفاف المتكرر إلى انخفاض متوسط مستوى المعيشة وتضرر الفئات الضعيفة بشكل أكبر، خصوصا في الوسط القروي، مما أعاد مؤشرات الفوارق إلى حدود 40,5%.
أما على صعيد التنمية البشرية، فقد تجاوز المغرب للمرة الأولى عتبة 0,700 في المؤشر الأممي الخاص، لينتقل إلى مصاف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، ورغم دلالة هذا الإنجاز، فإن احتساب الفوارق الاجتماعية والمجالية يخفض المؤشر بأكثر من ربع قيمته، ما يكشف استمرار التحدي المرتبط بتحقيق توزيع أكثر إنصافا لمكاسب التنمية.



