كشف تقرير إسباني عن الارتباط العميق بين الاقتصادين المغربي والإسباني، مشيرا إلى أن أي اضطراب قد قد تكون له تداعيات سلبية مباشرة، في ظل العلاقات التجارية الوثيقة بين البلدين والتي تتجاوز قيمتها السنوية 20 مليار أورو.
وتطرق تقرير صحيفة “إيكونوميا ديخيتال” الإسبانية إلى هذا الموضوع، في سياق الاحتجاجات التي تعرفها المملكة المغربية في الأيام الأخيرة، في إطار ما يُعرف باحتجاجات حركة “جيل زد”، حيث سلط التقرير الضوء على التأثير الكبير الذي قد تعاني منه إسبانيا في حالة حدوث عدم استقرار في المغرب.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الأثر الاقتصادي للنزاعات المندلعة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط لم يكن كبيرا على إسبانيا، غير أن أي تصعيد في المغرب سيجعلها من بين أكثر الاقتصادات الأوروبية تضررا، حيث يمكن أن تصل الخسائر إلى نحو 21.178 مليار أورو.
ولفت التقرير إلى أن إسبانيا تعد الشريك التجاري الأول للمغرب، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما سنويا 21.178 مليار أورو كما سلف الذكر، لافتا إلى أن الصادرات الإسبانية إلى المغرب ارتفعت من 11.758 مليار أورو سنة 2022 إلى 12.146 مليار أورو سنة 2023.
وتتوزع هذه الصادرات، وفق التقرير نفسه، على قطاعات أساسية مثل الوقود والزيوت المعدنية والآلات الميكانيكية والسيارات والجرارات، إضافة إلى الأجهزة والمعدات الكهربائية، ما يجعل المغرب سوقا محوريا للمنتجات الإسبانية.
كما ارتفعت الواردات الإسبانية من المغرب بشكل تدريجي، حسب التقرير، إذ انتقلت من 8.694 مليار أورو سنة 2022 إلى 9.032 مليار أورو في 2023، وشملت بالأساس الأجهزة الكهربائية والملابس الجاهزة والسيارات، فضلا عن الأسماك والفواكه.
وسجل التقرير أيضا في إطار الارتباط الكبير بين الاقتصادين المغربي والإسباني، أن نحو 350 شركة إسبانية تنشط في المغرب في مجالات متعددة تشمل الصناعات الغذائية والطاقة والبنى التحتية، وهو ما يعكس حجم الترابط الاستراتيجي بين البلدين.
ومن أبرز هذه الشركات، أشار التقرير إلى شركة “Alsa” للنقل الحضري، التي تدير أسطولا من 1.745 حافلة في مدن رئيسية مثل مراكش وأكادير وطنجة والدار البيضاء، إلى جانب شركة “Arcelor Mittal” للصلب التي تمتلك مصنعين لإنتاج قضبان وأسياخ البناء.
كما سلط الضوء على شركة “Acciona” الإسبانية، التي وقعت اتفاقية لتمويل محطة تحلية مياه الدار البيضاء، المنتظر أن تكون الأكبر من نوعها في العالم وتعمل بالطاقة المتجددة، بطاقة إنتاجية تبلغ 300 مليون متر مكعب سنويا.
أما في قطاع الصناعات الغذائية، أشار التقرير إلى أن شركة “Borges” الإسبانية تملك حصة 10% في شركة مغربية متخصصة في تعبئة زيتون المائدة، بينما تستثمر مجموعة “Ebro Foods” عبر فرعها “موندي ريز” في مصنع للأرز بمدينة العرائش.
ويبرز التقرير أيضا حضور شركات الطاقة مثل “Repsol”، التي تعمل في المغرب منذ 2010 عبر نشاطها في مجال زيوت التشحيم، وشركة “Moeve” (سِبسا سابقا) التي تعتبر المغرب بلدا استراتيجيا لقربه الجغرافي من إسبانيا وفرص نموه.
وخلص التقرير إلى أن انخراط هذه الشركات في مشاريع ضخمة بالمغرب، خاصة في قطاع الطاقات المتجددة بقيمة تتجاوز 30 مليار أورو، يعكس الترابط الوثيق بين اقتصاد البلدين، وبالتالي فإن أي اضطراب اجتماعي أو سياسي في المغرب ستكون له انعكاسات مباشرة على إسبانيا، بحكم هذا التشابك الاقتصادي الكبير



