أوضح وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن الفيضانات التي شهدتها مدينة آسفي كانت بسبب تساقطات مطرية فجائية ومركزة نزلت داخل المجال الحضري وفي فترة زمنية وجيزة، تفوق ما كان متوقعاً، مفيدا أن التوقعات لم تتجاوز 35 ملم من الأمطار، وهي كمية لا تستدعي رفع مستوى الإنذار، غير أن تمركزها بوسط المدينة حال دون قيام السد بدوره الوقائي، ما أدى إلى تدفق المياه مباشرة داخل الأحياء المتضررة.
وأوضح بركة، اليوم الإثنين خلال جوابه على أسئلة شفهية بمجلس النواب، أنه بالرغم من الإيجابيات المرتبطة بالأمطار الأخيرة التي شهدها المغرب إلا أن مدينة آسفي شهدت فيضانات استثنائية، نظراً لكون التساقطات كانت قوية ومركزة في فترة زمنية وجيزة، وعلى منطقة خاصة، ما أدى إلى تدفق المياه نحو وسط المدينة.
وأورد المسؤول الحكومي أنه حتى السد المخصص للحماية من الفيضانات، والذي يوجد على بعد حوالي 9 كيلومترات من المدينة، لم يستقبل سوى 200 ألف متر مكعب، في حين أن طاقته الاستيعابية تصل إلى 3.5 ملايين متر مكعب، “وهو ما حال دون قيامه بالدور الوقائي المنوط به، لأن التساقطات همّت أساساً وسط المدينة، مما أدى إلى هذه الكارثة”.
وبخصوص الإنذار المبكر، أردف بركة أنه في حالة آسفي، “كنا نتوقع تساقطات في حدود 35 ميليمتر، وهي كمية لا تشكل في حد ذاتها خطورة كبيرة، لذلك لم يتم تصنيف الوضع في مستوى الإنذار البرتقالي، بل في المستوى الأصفر. غير أن التساقطات جاءت في وقت وجيز وبشكل مركز وفي منطقة حضرية محددة، وهو ما أدى إلى النتائج التي أشرنا إليها”.
وقال بركة إن الهدف الأساسي “يتمثل أولاً في إنجاز دراسات تركز بالأساس على توسيع مصب الوادي، وهو العنصر الجوهري لمعالجة الإشكال، حتى يتمكن الوادي من تصريف المياه مباشرة نحو البحر، وتفادي تكرار المشاكل التي طُرحت”.
وأوضح الوزير أنه يتم العمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز حماية مدينة آسفي من الفيضانات، إلى جانب تقوية هذه المقاربة في مناطق أخرى على الصعيد الوطني، مشيرا إلى أن الجديد الذي نحرص على إدماجه في مجال الحماية من الفيضانات هو الاعتماد أيضاً على الحلول الطبيعية، بما يساهم في تقليص الكلفة وضمان الاستدامة.
وفي هذا السياق نوه بركة بقرار الملك محمد السادس الذي أعطى تعليماته من أجل إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات الاستثنائية بمدينة آسفي، وتقديم مساعدات مستعجلة للأسر التي فقدت ممتلكاتها الشخصية، والتكفل بالمنازل التي تضررت جراء هذه الفيضانات.
وأكد بركة أن السلطات المحلية تقوم حالياً بجرد شامل للمتضررين والمساكن المتضررة، من أجل الشروع في عملية التعويض التي أمر بها الملك.
وأوضح بركة أنه قام، رفقة المدير العام للهندسة المائية، بزيارة ميدانية للوقوف على الوضعية الحالية، كما أطلقنا دراسة تقنية لتحديد الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار ما وقع مستقبلاً، مع اتخاذ جميع التدابير الوقائية الضرورية لمعالجة هذه الإشكالية، إلى جانب تعزيز الحماية من الفيضانات بمدينة آسفي.
وأشار إلى أن الخطة التي يتم الاشتغال عليهاتقوم على مجموعة من المحاور الأساسية، من بينها تواصل رصدي مع المواطنات والمواطنين عبر مختلف ربوع المملكة، وإصدار نشرات للإنذار المبكر، حيث تم، على سبيل المثال، إصدار نشرات إنذارية بتاريخ 8 و9 دجنبر. كما وضعنا رهن الإشارة موقعاً إلكترونياً يتضمن خريطة اليقظة يتم تحيينها يومياً.
كما نشتغل، في ظل التغيرات المناخية، على مراجعة أطلس المناطق المعرضة للفيضانات، بهدف تعزيز الاستباقية، نظراً لكون الأطلس السابق أصبح متجاوزاً. ومن المرتقب أن يكون هذا الأطلس الجديد جاهزاً خلال السنة المقبلة، بما يمكن من تحديد المناطق الأكثر عرضة للمخاطر واتخاذ الاحتياطات اللازمة.
وتابع الوزير نفسه: “كثفنا المشاريع المتعلقة بالحماية من الفيضانات، حيث تم إنجاز 33 مشروعاً ما بين سنتي 2021 و2025، شملت أقاليم من بينها العرائش، طنجة-أصيلة، تطوان، وزان، الناظور، بولمان، مكناس، فاس، سيدي قاسم، سطات، شيشاوة، مراكش، زاكورة، تيزنيت، تارودانت، تنغير، سيدي إفني، طانطان، أسا الزاك، وبوجدور”، كما سيتم إطلاق 15 مشروعاً إضافياً بعدد من الأقاليم، من “بينها مكناس، تطوان، الصخيرات-تمارة، العيون، تارودانت، إنزكان آيت ملول، شفشاون، تازة، سيدي قاسم، واليوسفية”.
وأردف أن الوزارة تعمل، في إطار وكالات الأحواض المائية، على برمجة برنامج جديدا “سيتم إطلاقه في بداية السنة المقبلة في هذا المجال”، مشيرا إلى أنه تم العمل على تعزيز تجهيزات الإنذار المبكر، مشيرا إلى أن الفيضانات التي شهدتها منطقة أوريكا خلال شهر غشت الماضي لم تسفر عن أي ضحايا، بفضل تفعيل الإنذار المبكر في الوقت المناسب، مفيدا أيضا أنه يتم العمل على تعزيز الإمكانيات الخاصة بالتدخل الاستعجالي، من أجل مواجهة مختلف الإشكالات المطروحة في حينها.



