أثار إعلان الاتحاد الأوروبي عن توسيع برنامج “Erasmus” للتبادل الطلابي ليشمل الجزائر، نقاشا محتدما داخل أروقة السياسة الأوروبية، بعدما اعتبره تيار اليمين المحافظ في فرنسا دليلا إضافيا على الانفصام القيمي داخل مؤسسات الاتحاد، وتغليبا للمصالح الدبلوماسية على المبادئ الحقوقية التي طالما تبناها الاتحاد في خطاباته الرسمية.
في طليعة المنتقدين، برز اسم فرانسوا كزافييه بيلامي، النائب في البرلمان الأوروبي والقيادي البارز في حزب “الجمهوريون” الفرنسي، الذي وجّه انتقادا لاذعا للقرار عبر عريضة نشرتها صحيفة لو فيغارو، حيث وصف بيلامي الخطوة بأنها تجسيد لـ“نهج تكنوقراطي متعجرف يهيمن على مفاصل القرار الأوروبي”، معتبرا أن إدراج الجزائر في “ميثاق من أجل المتوسط” ضمن برنامج Erasmus+ “يُكافئ نظاما لا يحترم الحريات الأساسية”، في إشارة إلى اعتقال الكاتب بوعلام صنصال (أفرج عنه اليوم الاربعاء بقرار رئاسي وتحت ضغط أوروبي) والصحفي كريستوف غليز.
ويحاجج النائب المحافظ بأن الاتحاد الأوروبي “يحوّل Erasmus+ من جسر أكاديمي إلى أداة سياسية”، تمنح بعض الدول “شرعية رمزية” رغم مؤاخذاتها الحقوقية، حيث إن “الانفتاح الأكاديمي لا يمكن أن يُبنى على إنكار الواقع أو مجاملة الأنظمة التي تقمع المثقفين والصحفيين”، مضيفا أن بروكسيل “تستعمل التعليم كغطاء دبلوماسي لتلميع صورتها في الجنوب المتوسطي”.
ويأتي هذا الموقف وسط توتر دبلوماسي متصاعد بين فرنسا والجزائر بسبب الخلاف حول ترحيل المهاجرين غير النظاميين، حيث يرى بيلامي في التوسيع الأخير للبرنامج “مفارقة أخلاقية فاضحة”، قائلاً: “بلد يرفض التعاون في قضايا الهجرة غير الشرعية يُكافأ بمنحة أكاديمية أوروبية”.
في المقابل، دافعت المفوضية الأوروبية بقوة عن قرارها، معتبرة أنه امتداد طبيعي لاستراتيجية بناء فضاء أكاديمي مشترك في منطقة المتوسط، حيث جاء في بيان صادر عن مكتب كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أن البرنامج الجديد يهدف إلى تشجيع التبادل العلمي وتسهيل تنقل الطلبة والأساتذة، وبناء جامعة متوسطية متكاملة تقوم على قيم التعاون والتنوع.
