أثار مضمون مراسلة صادرة عن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الداخلة وادي الذهب، موجة واسعة من النقاش بين نساء ورجال التعليم على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما دعت إلى الحرص على احترام قواعد الهندام المهني، معتبرة أن ارتداء اللباس اللائق، وفي مقدمته الوزرة، ليس مجرد إجراء شكلي، بل رسالة رمزية تعكس الاعتزاز بمهنة التدريس وتساهم في ترسيخ قيم القدوة والنظام والانضباط داخل الوسط التربوي.
المراسلة التي وجهتها الأكاديمية إلى مديرات ومديري المؤسسات التعليمية، اعتبرت أن حرص الأستاذات والأساتذة على مظهر مهني منضبط يبعث برسائل قوية للمتعلمات والمتعلمين، مفادها أن المدرسة فضاء للتربية على الجدية والالتزام، وأن المعلم يشكل القدوة الأولى في السلوك والانضباط.
غير أن هذه الدعوة قوبلت بتباين واضح في المواقف، بين من اعتبرها خطوة طبيعية لترسيخ صورة إيجابية عن رجل التعليم، ومن رأى فيها عبئا إضافيا يُلقى من جديد على كاهل هذه الفئة، كما أعاد إلى الواجهة مذكرة توجيهية سابقة صادرة عن وزارة التربية الوطنية بتاريخ 18 يوليوز 2017، والتي اعتبرت أن العناية بالهندام تشكل عنصرا أساسيا في تعزيز المكانة الاعتبارية لمهام التربية والتكوين، مشيرة إلى أن المظهر اللائق داخل الفضاء المدرسي يعكس الاعتبار الواجب للمؤسسة التعليمية، ويقوي الثقة بين مختلف الفاعلين التربويين والمتعلمين.
المذكرة أوصت حينها بضرورة الحرص على الأناقة والاعتناء بالمظهر بالنسبة لأطر الإدارة التربوية، واقترحت ارتداء “وزرة بيضاء” بالنسبة للأطر التربوية المكلفة بالتدريس، حفاظا على هيبة المهنة وصورتها داخل المجتمع.
عدد من الأساتذة والمتفاعلين الذين تحدثوا لـ”الصحيفة” انتقدوا هذه الخطوة، معتبرين أن الوزارة ما زالت تلجأ إلى جيوب موظفيها لتنفيذ خططها الإصلاحية وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، في وقت كان من الأجدر، بحسبهم، تخصيص تعويض عن الهندام أو رصد ميزانية لاقتناء الوزرات لفائدة رجال ونساء التعليم، كما هو معمول به في قطاعات أخرى.
وذهب البعض إلى حد التذكير بكون الأساتذة يضطرون باستمرار إلى تحمل نفقات إضافية من رواتبهم، سواء في ما يتعلق بطباعة الفروض أو شراء الأقلام اللبدية أو استعمال حواسيبهم وهواتفهم الشخصية لإدخال المعطيات بمنظومة “مسار”، وهو ما يجعلهم ـ على حد تعبيرهم ـ الفئة الوحيدة داخل الوظيفة العمومية التي تنفق جزءا من دخلها الشهري على أداء مهامها الرسمية.
في المقابل، برزت أصوات أخرى اعتبرت أن مضمون المراسلة لا ينبغي تحميله أكثر مما يحتمل، إذ أوردت مصادر مهنية في حديثها للموقع أن “الهدف منه هو معالجة بعض المظاهر السلبية المسجلة، خاصة ما يتعلق بلباس عدد من الأساتذة الذي لا يليق بمكانة المؤسسة التربوية ولا بقدسية الرسالة التعليمية”.



