أثارت تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، خلال لقاء حزبي، استياء واسعا داخل الأوساط الأمازيغية والثقافية، مما أعاد النقاش حول مكانة الأمازيغية وحرف تيفيناغ إلى الواجهة، الأمر الذي رد عليه كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لحسن السعدي.
وها ابن كيران، خلال لقاء حزبي، للتعبير عن موقف رافض لاعتماد حرف تيفيناغ في كتابة الأمازيغية، مستحضرا معطيات عن محاولات سابقة لعرقلة اعتماده خلال فترة مسؤوليته الحكومية. تصريحات الأمين العام للبيجيدي تضمنت أيضا إحالة على شهادة أحد الحاضرين، الذي قال إنه يحمل ديبلوم في الأمازيغية ولا يفهم تيفيناغ، وهو ما أثار موجة انتقادات بالنظر إلى رمزية هذا الحرف وما يمثّله في الذاكرة الثقافية المغربية.
وجاء الرد على هذا الجدل، من داخل المؤسسة التشريعية، حيث أكد كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، لحسن السعدي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، على أن التحدث بالأمازيغية وفهمها لا يرتبط بشهادات أكاديمية، موجها بذلك رسائل رمزية تعيد التأكيد على ثوابت الدولة في هذا المجال.
وفيما يشبه جوابا على كلام الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اختار السعدي الرد على سؤالين طرحا عليه بالأمازيغية من أصل ستة، في خطوة قرأها العديد من المتابعين كرسالة سياسية تعكس التزاما مؤسساتيا بدعم مكتسبات ورش الأمازيغية.
وتعكس هذه الخطوة، بحسب متتبعين، تأكيدا على أن الأمازيغية، كما أقرها دستور 2011، أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة المؤسساتية المغربية، وأن مسار ترسيمها يمضي قدما ولا يمكن التراجع عنه.
وعكست الإشارات الصادرة عن الحكومة داخل البرلمان تأكيدا على أن النقاش حول حرف تيفيناغ قد حسم وطنيا منذ سنوات، وأن إثارة جدل من هذا النوع اليوم لا يخدم النقاش العمومي ولا الورش الوطني المتقدم في إدماج الأمازيغية داخل الإدارة والإعلام والتعليم.
وعبر مرور السعدي بالبرلمان عن إرادة الدولة التي تتبنا مسارا واضحا في تعزيز مكانة الأمازيغية، ما يبرز أن أي محاولة لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء تصطدم برؤية وطنية جامعة تعلي من مكانة هذا المكوّن الأساسي للهوية المغربية.
ويذهب متتبعون إلى أن السياق السياسي والاجتماعي المغربي لم يعد قابلا لخطابات التشكيك في تيفيناغ، ولا لإقحام خلافات قديمة في مسار لغوي تجمع مؤسسات الدولة على دعمه وتعزيزه، ذلك أن الأمازيغية، لغة وثقافة ورمزا، أثبتت أنها أكثر رسوخا من أي جدل عابر، وأن حضورها داخل المؤسسات لم يعد موضوعا قابلا للتأجيل أو المراجعة.



