دافع محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، على منجزات الحكومة الحالية، رغم السياق الصعب والدقيق، مشيدا بتوجهات مشروع قانون المالية لـ2026 وبواقعية تعديلات الأغلبية، قبل أن يهاجم المعارضة محملا إياها مسؤولية الأزمات خلال فترة تدبيرها سابقا بقوله إن “داء العطب قديم”، رافضا نهج العدمية الذي يطفئ الأمل ويزرع الشك ويساهم في الهدم بدل البناء.
وقال شوكي، اليوم الخميس، خلال جلسة عمومية للمناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية 2026، إن الجميع، في الأغلبية والمعارضة، مدعو إلى الانخراط في بناء مناخ سياسي جديد، قادر على استثمار الفرص الاستثنائية التي ارتبطت بالإنجاز الدبلوماسي، بعد القرار الأممي لـ31 أكتوبر 2025، و”تحويلها إلى قوة دافعة للبناء الداخلي”.
وشدد على أن هذا المسار يتطلب “تعزيز التلاحم الوطني من خلال تكريس ثقافة “الاختلاف البناء” القائم على الحوار المنتج، والابتعاد عن لغة التنابز والصراعات العقيمة، وترسيخ “المواطنة الفاعلة” التي تتحرر من الانتماءات الضيقة، لتتبنى هموم الوطن ومستقبله المشترك. فالمرحلة لا تحتمل إلا طريقا واحدا لا غير، طريق العمل الجماعي الذي يناسب ويليق بحجم وطبيعة اللحظة الوطنية وتاريخيتها.
وأشار رئيس فريق الأحرار إلى المجهود التي تبذله الحكومة في هذه اللحظة المفصلية في تاريخ أمتنا بالإنتاجية والإنجازات في مسارين متكاملين، “الأول هو تنفيذ توجيهات النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه الملك سنة 2015، والثاني هو تنزيل التزامات البرنامج الحكومي وتوجهات النموذج التنموي الجديد”.
وذكر شوكي أنه بنفس الخطى الثابتة التي يسير بها النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية، واصلت الحكومة بتوجيهات ملكية “مسيرة البناء والتنمية على امتداد ربوع الوطن، محققة إنجازات ملموسة على الرغم من السياق الدولي والوطني الاستثنائي الذي تميز بتداعيات جائحة كوفيد 19 وأزمة ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب”.
وأكد أن الحكومة نجحت في “الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني من خلال سياسات اقتصادية ومالية رشيدة، مما جعل المغرب أحد أبرز الوجهات الاستثمارية في القارة الإفريقية”، مستحضرا الإنجازات على صعيد التحول الصناعي وقطاع صناعة السيارات وصناعة الطائرات ومحركاتها، والبنية التحتية من شبكة الطرق السريعة والخط الثاني للقطار الفائق السرعة وتطوير الموانئ والمطارات.
ولفت شوكي إلى أن هذه البوصلة السياسية “كانت غائبة أو مغيبة عن جهل أو عن سبق إصرار خلال فترات سابقة، وغيابها ساهم بشكل واضح في تعطيل الزمن التنموي وفي تأخر واضح للجواب على أسئلة واحتياجات المواطنين في مختلف المجالات”.
داء العطب قديم
وهنأ شوكي الأغلبية على “صلابتها وتماسكها وانسجامها خلال المناقشة العامة والتفصيلية لمشروع القانون داخل لجنة المالية، رغم كل محاولات التشويش من طرف المعارضة التي نعتتنا أحيانا بالهواة واكترثت أحيانا أخرى لربطات عنقنا. ومن أراد أن يلقننا دروسا في السياسة أو ينبهنا لقصور العمل الحكومي بعدما غاب عن مدرسة الإصلاح لسنوات، فنذكّره ببساطة أن داء العطب قديم”، مضيفا أن الذين “ظلوا يتشبثون بيقينيات الماضي فليتيقنوا هم أن التاريخ تجاوزهم”.
وشدد شوكي على أن قانون المالية لسنة 2026 جاء بهدف تعزيز الدينامية الإيجابية للاقتصاد الوطني ولترجمة التوجيهات الملكية الواردة على الخصوص في خطابي العرش وافتتاح السنة التشريعية ليعكس الرغبة في تحقيق التوازن بين كل من النمو الاقتصادي والعدالة المجالية والإنصاف الترابي.
وذكر المتحدث نفسه أن الأغلبية تعتز بالعمل الحكومي وتفخر بالنتائج التي تحققت على أرض الواقع، مستغربا أن المعارضة، التي ترفع شعارات العدالة الاجتماعية، قدمت 325 تعديلًا على مشروع قانون المالية، “جزء كبير منها يزيد من العبء الضريبي على المواطنين والمقاولات، وجزء آخر يرفع من النفقات دون اقتراح بدائل واقعية”.
وأضاف أن “المعارضة تنتقد كل شيء ولا تقترح شيئا. تُطالب بالتخفيض من الضرائب وترفض توسيع الوعاء الضريبي، تُطالب بالرفع من الأجور وترفض التحكم في النفقات، وهذه ازدواجية الخطاب التي تعودنا عليها كل سنة”.
وأضاف: “نعم، البعضُ يشتكي من “قلّة اعتبار” لتعديلاته، لكن السياسة ليست عدّاً للأوراق، ولا سباقاً في عدد المقترحات، بل هي فنُّ الاختيار بين الممكن والمفيد، فالناقدُ لا يُقاسُ بعدد ما كتب، بل بجودة ما قدّم، والدولةُ لا تُبنى بوفرة التعديلات، بل بقوّة الرؤية”.
خطر العدمية
وأورد أنه “مع أن داء العطب قديم، لا تَهابُ هاته الحكومة النقد، بل ترحّب به حين يكون نقدًا مسؤولًا يهدف إلى التصويب لا إلى التشويه. أما العدمية التي تَلبس ثوب الوطنية وهي خالية من أي رؤية أو مشروع، فهي نوع من الشك المريض الذي يشلّ الإرادة ويحوّل السياسة إلى صراخٍ بلا معنى”.
وقال شوكي إن “عدمية بعض أطياف المعارضة أخطر ما يمكن أن يصيب الحياة السياسية من أمراض. والعدمية لا تبني، بل تهدم؛ لا تنتقد لتصلح، بل تنتقد لتُضعِف الثقة وتُطفئ الأمل. فهي تشكك في كل خطوة، وتسخر من كل إنجاز، وكأن غايتها ألا يتقدّم البلد خطوة واحدة حتى لا يُسجَّل التقدّم لغيرها”.
وأردف “من السهل أن تهدم، ومن الصعب أن تبني. من السهل أن تصرخ، ومن الأصعب أن تعمل. المعارضة التي ترفض أن ترى الواقع، وتصرّ على اختزال كل جهد في فشلٍ مزعوم، لا تمارس السياسة، بل تمارس العبث”.



