زنقة 20 ا الرباط
أكد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن تنزيل العقوبات البديلة يُعد خيارًا حضاريًا وأخلاقيًا يعكس مدى نضج المجتمع وحرصه على بناء مستقبل أفضل لأطفاله، داعيًا إلى تعزيز هذا التوجه في إطار عدالة إصلاحية وإنسانية، تنأى عن العقوبات السالبة للحرية، وتضمن حماية المصلحة الفضلى للطفل.
وجاء ذلك خلال كلمته في اللقاء الوطني المنظم يومي 21 و22 يوليوز 2025 بقصر المؤتمرات بالصخيرات، حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”، والذي نظمته رئاسة النيابة العامة بشراكة مع منظمة اليونيسف.
واعتبر البلاوي أن الإيداع بالمؤسسات السجنية يجب أن يظل آخر ملاذ يتم اللجوء إليه، مبرزاً أهمية بدائل مثل العمل لفائدة المنفعة العامة، والتدابير الرقابية الخاصة، وغيرها من الآليات التي يتيحها القانون رقم 43.22، والذي من المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ قريبًا.
وشدد رئيس النيابة العامة على أن الأطفال في تماس مع القانون، سواء كانوا جانحين أو في وضعية صعبة أو ضحايا، هم في الأصل ضحايا عوامل اجتماعية واقتصادية وشخصية تدفعهم نحو الانحراف، مما يستدعي تدخلًا قانونيًا وإنسانيًا يأخذ بعين الاعتبار وضعيتهم الخاصة ويُبقي على ارتباطهم بوسطهم الأسري والحمائي الطبيعي.
وأكد البلاوي أن فلسفة العدالة الخاصة بالأطفال تقتضي المواءمة بين المصلحة الفضلى للطفل وحقوق المجتمع، من خلال آليات إصلاحية لا تقوم فقط على الردع، بل ترتكز على التهذيب وإعادة الإدماج، في انسجام مع المواثيق الدولية، لاسيما اتفاقية حقوق الطفل وقواعد الأمم المتحدة النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بكين).
كما اعتبر أن هذا اللقاء الوطني يشكل فرصة سانحة لتقاسم الممارسات الفضلى بين مختلف الفاعلين في مجال حماية الطفولة، والوقوف على التحديات العملية المرتبطة بتنزيل القانون الجديد، مبرزًا الدور المحوري للنيابة العامة في تفعيل العقوبات البديلة من خلال صلاحياتها في اقتراحها وتيسير تنفيذها تحت إشراف الجهات المختصة.
وأشاد في هذا السياق بالتعاون المثمر مع منظمة “اليونيسف” من خلال برامج مشتركة تصب في تعزيز ولوج الأطفال للعدالة والحماية القضائية، موجهاً شكره إلى السيدة لورا بيل وفريق عملها على التفاعل والتجاوب الدائم مع مقترحات النيابة العامة.
وختم البلاوي كلمته بالتأكيد على أن توجيهات جلالة الملك محمد السادس، الداعية إلى النهوض بالرأسمال البشري وحماية الطفولة، تشكل بوصلة للعمل المؤسساتي، من أجل عدالة قريبة من الإنسان، وصديقة لأجيال المستقبل.
