رغم الصدام السياسي الذي وقع في الشهور الأخيرة بين الحكومتين الإسبانية والإسرائيلية على خلفية الحرب في قطاع غزة، وقّعت منظمة الأعمال الإسبانية المعروفة اختصارا بـ “CONPYMES”، والتي تمثل أزيد من 2.1 مليون شركة صغيرة ومتوسطة عبر إسبانيا، (وقعت) اتفاق تعاون رسمي مع معهد التصدير الإسرائيلي، بهدف توسيع العلاقات التجارية وربط الشركات الإسبانية بنظيراتها الإسرائيلية في عدد من القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية.
وحسب ما أوردته صحيفة “Ynet news” الإسرائيلية أمس الأحد، فقد جرى توقيع الاتفاق خلال زيارة قام بها وفد من رجال الأعمال الإسبان إلى إسرائيل، مشيرة إلى أن المديرة العامة لمعهد التصدير الإسرائيلي، نيللي شاليف، هي التي وقعت على الاتفاق من الجانب الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية في تقرير لها حول الاتفاق، أن مسؤولين إسرائيليين في تل أبيب اعتبروا أن هذه الخطوة “تصويتا واضحا بالثقة” في الابتكار الإسرائيلي والتقنيات المتقدمة وقدرة الاقتصاد الإسرائيلي على تعزيز شراكات طويلة الأمد رغم الخلافات السياسية.
ولفت التقرير إلى أن قيمة المبادلات التجارية بين إسرائيل وإسبانيا تبلغ حاليا حوالي 3 مليارات دولار سنويا، من ضمنها نحو مليار دولار من الصادرات الإسرائيلية، فيما يتوقع الجانب الإسرائيلي أن يفتح الاتفاق الجديد الباب أمام مشاريع مشتركة إضافية ويوسع نطاق الفرص الاقتصادية المتاحة للشركات من الجانبين.
ويأتي هذا الاتفاق، حسب المصدر نفسه، في وقت تشهد فيه العلاقات الحكومية بين مدريد وتل أبيب تدهورا كبيرا، لكن القطاع الخاص الإسباني، يضيف التقرير، يبدو عازما على الفصل بين السياسة والمصالح الاقتصادية، وفق ما أكده أعضاء الوفد الإسباني الذين شددوا على رغبتهم في “تعزيز الروابط التجارية” وفتح قنوات تعاون جديدة مع شركات إسرائيلية في مجالات التكنولوجيا، والصحة، والطاقة، والتقنيات الزراعية.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية في هذا السياق تصريح، آفي بلاشنكوف، رئيس معهد التصدير الإسرائيلي، الذي قال إن الاتفاق “يُظهر بوضوح الفجوة بين الخطاب السياسي والواقع الاقتصادي”، مضيفا أن “الابتكار الإسرائيلي أثبت أنه أقوى من الخلافات السياسية، وأن مجتمع الأعمال الإسباني يرى في الشركات الإسرائيلية شريكا موثوقا وقادرا على خلق قيمة اقتصادية مشتركة”.
وأكد معهد التصدير الإسرائيلي، وفق التقرير، أنه سيواصل العمل على توسيع الحضور التجاري لإسرائيل داخل السوق الإسبانية وفي مختلف الأسواق الأوروبية، وتوفير الدعم للشركات الإسرائيلية الباحثة عن فرص جديدة للنمو في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
اتفاق اقتصادي فوق صدام سياسي
وتعود خلفية الصدام السياسي والدبلوماسي بين مدريد وتل أبيب إلى الحرب على قطاع غزة، حيث اتخذت الحكومة الإسبانية بقيادة الاشتراكي بيدرو سانشيز خطوات قوية وغير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الطرفين، إذ تم في الربع الأول من السنة الماضية 2024 إعلان إسبانيا عن قرارها بالاعتراف بدولة فلسطين، كرد فعل مضاد للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما أدى إلى توتر مع السلطات الإسرائيلية.
كما اتخذت مدريد ضد ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي” على غزة، (اتخذت) إجراءات تقيد التعاون العسكري واللوجستي مع إسرائيل، من ضمنها إلغاء عقود مشتريات عسكرية وإعلان وقف تصدير أسلحة، إلى جانب رفض دخول سفن محملة بأسلحة أو متفجرات كانت ستتجه إلى إسرائيل عبر موانئ إسبانية.
وازداد التوتر السياسي بين مدريد وتل أبيب عندما وصف كبار المسؤولين الإسبان، وعلى رأسهم سانشيز ووزراء آخرون، لسلوك إسرائيل في غزة باعتباره يرقى إلى مستوى “الإبادة” أو “الجرائم ضد الإنسانية”، ودعت مدريد إلى تحرك أوروبي وأممِي أوسع لوقف العمليات العسكرية والسعي لتحقيق مساءلة دولية.
وتُعتبر العلاقات الدبلوماسية بين إسبانيا وإسرائيل حاليا شبه مقطوعة، حيث كانت تل أبيب قد سحبت سفيرها لدى مدريد عقب الاعتراف الإسباني بدولة فلسطين، بينما استدعت مدريد سفيرتها في إسرائيل على خلفية انتقادات إسرائيلية حادة لمواقف الحكومة الإسبانية من حرب غزة، ولازال الأمر قائما على هذا النحو إلى غاية الآن.



