في تصعيد جديد للعلاقات المتوترة بين باريس والجزائر، شرعت وزارة الداخلية الفرنسية، بقيادة الوزير برونو روتايو، في تنفيذ سلسلة من الإجراءات التقييدية، تستهدف شخصيات بارزة من الطبقة السياسية والعسكرية والاقتصادية الجزائرية، ضمن ما وصفه الوزير مؤخرا بـ”تغيير اللهجة والعودة إلى الحزم” في التعامل مع الجزائر.
ووفق ما أوردته وسائل إعلام فرنسية، مساء أمس الثلاثاء، فإن هذه الإجراءات دخلت حيز التنفيذ بداية من مساء الإثنين، وتتمثل في حرمان عدد من المسؤولين الجزائريين النافذين من الامتيازات والتسهيلات التي كانوا يستفيدون منها سابقا في فرنسا، خاصة تلك المتعلقة بالإقامة، التنقل، العلاج، أو استغلال وضعهم الدبلوماسي السابق.
المعنيون بهذه الإجراءات بلغ عددهم 44 شخصية حتى الآن بحسب مصادر إعلامية فرنسية، مع ترجيحات بارتفاع العدد إلى 80 خلال الساعات القادمة، وهي الاجراءات التي تأتي في إطار استراتيجية وصفها روتايو بأنها “تصعيد تدريجي ومدروس”، الهدف منها إرغام الجزائر على التعاون في ملف استعادة رعاياها المصنفين ضمن “الخطر الأمني”، والذين يقيمون في فرنسا بطريقة غير قانونية.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من تصريحات نارية أطلقها وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو في لقاء أجرته معه صحيفة “لوفيغاو”، دعا فيها صراحة إلى تشديد الإجراءات مع الجزائر، مطالبا بكسر ما وصفه بـ”الصمت واللين الدبلوماسي المزمن”، ومشددا على ضرورة إعادة التوازن في العلاقة بين باريس والجزائر.
واعتبر روتايو الذي يمثل الجناح اليميني المحافظ في حكومة باريس في التصريحات ذاتها، أن المرحلة تتطلب وضوحا أكثر من مجاملات دبلوماسية ثبت فشلها، حيث عبّر صراحة عن دعمه لإلغاء اتفاق الهجرة الموقع بين فرنسا والجزائر منذ عام 1968، والذي كان لسنوات طويلة أحد الأعمدة القانونية لتنقل الجزائريين نحو فرنسا، كما وجه انتقادات حادة للجزائر بسبب ما اعتبره رفضا ممنهجا لتطبيق اتفاق 1994 الخاص بإعادة قبول المهاجرين غير النظاميين، واصفا هذا الرفض بأنه تنصل من الالتزامات الدولية، ومؤكدا أن فرنسا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء مثل هذه السلوكيات.



