في أعالي جبال قبيلة بني حسان، حيث تنتهي الطرق المعبدة وتبدأ المسالك الوعرة، قرر شباب دوار “تمطيلت” مؤخرا، أن يشقوا طريقهم بأنفسهم، في خطوة باتت حديث سكان جماعة الواد بإقليم تطوان، بعد سنوات من الصبر والانتظار والالتماسات الموجهة إلى المسؤولين.
ففي ظل غياب أي تجاوب فعلي مع مطالب الساكنة بفك العزلة عن المنطقة، انطلقت مبادرة جماعية من أبناء الدوار لفتح مسلك طرقي يربط “تمطيلت” بالمداشر المجاورة والطريق الوطنية رقم 2، مستخدمين أدوات بسيطة وإمكانيات محدودة، لكن بعزيمة أكبر من كل الصعاب.
وظل هذا الدوار النائي خارج خارطة التنمية، رغم الشكايات والمراسلات المتكررة، حيث تتفاقم المعاناة اليومية لسكانته كلما هطلت الأمطار أو مرض أحدهم، إذ يُضطر الأهالي إلى حمل النساء الحوامل والمرضى على الأكتاف لمسافات طويلة للوصول إلى أقرب طريق تصلهم بالمستشفى أو بسيارة الإسعاف، في مشهد يلخص حجم التفاوت المجالي والاجتماعي بين المغرب المنسي والمغرب النافع.
وحملت مبادرة شباب القرية، رغم تواضعها، رسالة قوية و رمزا لإرادة جماعية تسعى لإعادة الحياة إلى منطقة طالها النسيان، وصرخة في وجه سياسة الإقصاء التي دفعت السكان إلى الاعتماد على أنفسهم لبناء أبسط مقومات العيش الكريم.
ويأمل سكان “تمطيلت” أن تلتقط السلطات المحلية والجهات المنتخبة هذه الإشارة الإيجابية، وأن تحوّل المبادرة الشعبية إلى مشروع متكامل يُنهي سنوات العزلة، ويفتح أمام القرية آفاقا جديدة للتنمية والكرامة، في انتظار أن تتحول حجارة الطريق الجديدة إلى شريان حياة يصل الجبل بالمدينة، ويعيد للمنطقة حقها في الوجود فوق خريطة الوطن.
