أثار صدور حكم بالإعدام ضد مواطن تونسي على خلفية منشورات نشرها على موقع “فيسبوك” موجة استنكار واسعة في الأوساط الحقوقية والقانونية، وسط تحذيرات من عودة الممارسات القمعية تحت غطاء قانوني.
وفي بيان شديد اللهجة، اعتبرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أن الحكم الصادر عن الدائرة الابتدائية بمحكمة نابل ضد المواطن صابر شوشان يمثل “اغتيالا للكلمة وحرية النشر”، وسابقة خطيرة لم تشهدها تونس منذ الاستقلال، معتبرة أنه تجاوز خطير لمقتضيات القانون وضربة قاصمة لمبدأ الأمان القانوني.
وأوضحت الجمعية أن المتهم، وهو أب لثلاثة أبناء وعامل يومي ينتمي إلى الفئات المهمشة، كان قد نشر منشورات ناقدة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، فأُحيل بموجبها في مرحلة أولى إلى قطب مكافحة الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، قبل أن تتخلى الجهة القضائية عن الملف لعدم الاختصاص وتحيله إلى محكمة نابل.
وهناك وُجهت إليه تهم ثقيلة، من بينها إتيان أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، ونشر أخبار زائفة تستهدف موظفا عموميًا، وذلك استنادًا إلى الفصلين 67 و72 من المجلة الجزائية والفصل 24 من المرسوم 54 المثير للجدل.
وقالت الجمعية إن الحكم بالإعدام يمثل “انحرافا خطيرا بمسار العدالة وتطويعا للقانون لخدمة أجندات سياسية، مشيرة إلى أن القضاء أصبح يصدر أحكاما لا تحقق العدالة ولا تضمن الأمان القانوني”.
وأكد البيان أن المرسوم عدد 54، الذي يفترض أنه يهدف إلى مكافحة الجرائم الإلكترونية، تحوّل إلى أداة لتكميم الأفواه وضرب التعددية السياسية والإعلامية، مشددة على أن تجريم الرأي والنشاط المدني والسياسي يعد خرقا واضحا للدستور التونسي وللمواثيق الدولية التي التزمت بها الدولة.
كما نبهت الجمعية إلى أن تونس وإن لم تلغ رسميا عقوبة الإعدام، فإنها لم تطبقها منذ عقود، وأن إعادة تفعيلها في قضايا تتعلق بحرية التعبير يمثل تراجعًا خطيرًا عن مكتسبات الثورة وحقوق الإنسان.
وطالبت بسحب أو تعديل المرسوم 54 بما ينسجم مع أحكام الدستور التي تضمن حرية التعبير والصحافة، وبـالتعليق الفوري لعقوبة الإعدام في قضايا الرأي والنشر، مع مراعاة الوضع الاجتماعي والإنساني للمحكوم عليه.
كما دعت جمعيات المجتمع المدني إلى توحيد الموقف دفاعًا عن استقلال القضاء ورفض “العبث بالقوانين وتجاهل الإجراءات القضائية السليمة، مؤكدة أن الدفاع عن حرية التعبير اليوم هو دفاع عن كرامة المواطن التونسي وعن بقاء الدولة في مسارها الديمقراطي.



