عشنا خمس سنوات من الفشل المقنَّع بالأرقام الكاذبة.. والحكومة تُغرق البلاد في الوهم والعجز – الصحيفة

admin28 أكتوبر 2025آخر تحديث :
عشنا خمس سنوات من الفشل المقنَّع بالأرقام الكاذبة.. والحكومة تُغرق البلاد في الوهم والعجز – الصحيفة


شَنَّ عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، صباح اليوم بالبرلمان، هجوما سياسيا واقتصاديا لاذعا على حكومة عزيز أخنوش، حيث وصف قانون المالية 2026 الخامس بـ “المتعثر” والذي “لم يحقق وعوده”، ” كما وكيفا في زمن استثنائي” وأن الحكومة “تعيش حالة إنكار جماعي للتراجعات الاقتصادية والاجتماعية التي ترزح تحتها البلاد”.

وذكّر شهيد، خلال مناقشة مشروع قانون المالية رقم 50.25 للسنة المالية 2026، اليوم الثلاثاء بأن المغاربة كانوا ينتظرون أن يتضمّن هذا القانون “نسب إنجاز حقيقية للالتزامات الحكومية، وإجراءات عملية لتدارك ما يمكن تداركه في نهاية الولاية”، لكن ما حصل هو تكرارٌ لنفس الخطاب “الوردي”، على حدّ تعبيره، و”استمرار النهج الإنكاري لتدهور مؤشرات التعليم والصحة والتشغيل والسكن، مقابل فشل ذريع في إنعاش الاقتصاد الوطني ومعالجة أعطابه البنيوية”. 

وقال شهيد بلهجة ساخرة: “قدّم رئيس الحكومة حصيلة يقول فيها إنه حقق للمغرب في خمس سنوات ما لم يحققه غيره في خمسين، لكن حين نعود إلى أرقام مشروع القانون وملحقاته، نكتشف أن الهوّة بين المعلن والمنجز تتسع عاماً بعد آخر”.

وأشار شهيد إلى أن مشروع القانون “منفصل عن الواقع السياسي والاجتماعي المتأزم”، متهماً الحكومة بأنها لم تُظهر “أي حالة استنفار حقيقية لمواجهة بطالة الشباب، وتدهور القدرة الشرائية، والهدر المدرسي، ونزيف الكفاءات الصحية، واختلالات منظومة الحماية الاجتماعية، والصعوبات القاتلة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة”. وأوضح أن “القانون جاء محكوماً بعقلية تقنية جامدة، غابت عنها الجرأة السياسية والإبداع والمسؤولية، وطغى عليها الطابع الإداري البارد”، رغم “الخطابين الملكيين الأخيرين اللذين نبّها إلى خطر السير بسرعتين وغياب العدالة المجالية والاجتماعية”.

وفي لهجة لا تخلو من السخرية، قال شهيد: “عدتم إلى قاموس التبرير وبدأتم تتحدثون من جديد عن الظرفية الصعبة والتوازنات المالية، بعدما كنتم تتغنون بالاستدامة المالية، وهذا التحول في الخطاب يكشف عمق الأزمة”. واتهم الحكومة بالتخلي عن روح النموذج التنموي الجديد الذي وُصف في بدايته بـ”الإطار المرجعي”، قبل أن يصبح مجرد “رؤية استراتيجية”، معتبراً أن “الفرق كبير بين الالتزام بالتنفيذ وبين التقاطع في الرؤى”.

وسخر من كثرة استعمال الحكومة لعبارات من قبيل “مواصلة، تعزيز، توطيد، تدعيم”، قائلاً: “وكأن المواطنين خرجوا للشارع لتحية منجزاتكم، لا للمطالبة بقطيعة مع فشلكم التدبيري” وأضاف: “في الوقت الذي يخرج فيه الشباب إلى الشارع احتجاجاً، تأتي الحكومة لتتحدث عن مواصلة، وكأن شيئاً لم يحدث”.

وانتقل شهيد إلى تفنيد مبررات الحكومة حول السياق الدولي، قائلاً إن “التضخم الذي بدأ مستورداً سنة 2022، أصبح وطنياً بسبب عجز الحكومة عن التحكم في سلاسل التوريد الوطنية”، معتبراً أن القرارات الحازمة لبنك المغرب في السياسة النقدية “هي التي أنقذت البلاد من الأسوأ، رغم امتعاض الحكومة منها”. كما انتقد “الاختيار الفلاحي الموجه للتصدير” الذي أشرف عليه رئيس الحكومة نفسه، قائلاً: “لقد استنزفتم الفرشات المائية وأهملتم الفلاحة المعيشية التي تشكّل أساس الاستقرار في القرى. فلا نحن حققنا الاكتفاء الذاتي، ولا السيادة الغذائية، ولا حافظنا على المياه أو على الفلاحين في أراضيهم”.

وشدد على أن الحكومة استفادت من “ظروف مالية غير مسبوقة لم تُتح لسابقاتها”، بسبب “تراجع أسعار الطاقة عالمياً، وتقلص نفقات المقاصة، وارتفاع صادرات الفوسفاط، وتحويلات مغاربة العالم التي فاقت كل التقديرات لتصل في ولايتكم إلى حوالي 587 مليار درهم”. لكنه تساءل: “أين موقع مغاربة العالم في سياساتكم العمومية؟ إنهم أصبحوا نظام مقاصة موازياً يعوض فشلكم الاجتماعي”.

وخصّص جزءاً مطولا من مداخلته للتشكيك في “واقعية الفرضيات المالية” التي بُني عليها المشروع، قائلاً إن أرقام الحكومة “متناقضة حتى مع مؤسساتها”، مذكّراً بأن توقعات النمو “قفزت في ثلاثة أشهر من 4.5 إلى 4.8 في المائة”، وبأن تقديرات المحصول الزراعي تختلف بـ20 مليون قنطار بين الحكومة وبنك المغرب. 

وأضاف بنبرة حادة: “غريب أن تستندوا إلى نفس المراجع وتخرجوا بأرقام متضاربة… أين الخلل؟” وأردف أن “كل التقديرات تتجه نحو تسجيل تراجع في النمو سنة 2026، وأن الحكومة لم تتجاوز طوال ولايتها معدل نمو متواضع يتأرجح بين 3.5 و3.7 في المائة، دون أثر على التشغيل أو المردودية الاقتصادية”.

وفي الجانب المالي، قال شهيد إن “الحكومة نجحت فقط في جعل المديونية قاعدة هيكلية لتوازن الميزانية”، مبرزاً أن “رصيد الميزانية سيبلغ عجزاً بـ107 مليارات درهم سنة 2026، وأن الاقتراضات المتوسطة والطويلة ارتفعت إلى 123 مليار درهم، فيما تجاوزت الديون الإجمالية 1124 مليار درهم بعدما كانت 885 مليار فقط عند تسلّم الحكومة مهامها” وأضاف أن “نفقات التسيير قفزت من 242 إلى 347 مليار درهم، وأن الحسابات الخصوصية للخزينة باتت تمثل 22% من مجموع النفقات، ما يعني غياب الشفافية”.

وساءل شهيد الحكومة عن مفهومها لـ”العدالة الجبائية”، متهماً إياها بأنها “منحت الامتيازات للشركات الكبرى وأثقلت كاهل الموظفين والطبقات الوسطى”، حيث تمثل اقتطاعات الأجور 73% من موارد الضريبة على الدخل، فيما “تشكل الإعفاءات الكلية 73% من النفقات الجبائية”. وقال بنبرة استهجانية: “أين العدالة حين يتحمل المواطن البسيط عبء الضريبة على القيمة المضافة بسبب ارتفاع الأسعار؟ أين العدالة حين يدفع المرضى ضريبة على أدويتهم؟”.

وأضاف: “تركتم 1.5 مليون شاب خارج الدراسة والتكوين والشغل، و36% من الفئة العمرية 15–24 في بطالة، و331 ألف يغادرون المدارس سنوياً، منهم 180 ألفاً لا يجيدون القراءة والكتابة، فهل هذه هي منجزاتكم الاجتماعية؟”.

وفي ختام مداخلته، قال رئيس الفريق الاشتراكي إن “الحكومة لم تفِ بالتزاماتها العشر التي نالت بها ثقة البرلمان، وستخلف وراءها ديناً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ثقيلاً”، مضيفاً: “ستغادرون الحكومة وفي رصيدكم عشرة ديون ستظل منحوتة في تاريخكم السياسي”.

وعدّدها واحدة تلو الأخرى: “حسابات لم يصادق عليها المجلس الأعلى للحسابات منذ ثلاث سنوات، تضارب في أرقام الحماية الاجتماعية مع بقاء 8.5 ملايين مغربي خارج التغطية الصحية، اقتصاد يراوح مكانه، مديونية خانقة، عجز مزدوج في الميزانية والتجارة، فشل في خلق 500 ألف منصب شغل، بطالة تفوق 13% وتصل إلى 48% في المدن بين الشباب، هشاشة متفشية، فقر يطال 2.5 مليون مغربي وتهديد بانزلاق ثلاثة ملايين آخرين، وتعطيل للنموذج التنموي الجديد والإصلاحات الكبرى”.

وتابع شهيد: “خمس سنوات من تضييع زمن الإصلاحات والحقوق والديمقراطية، خمس سنوات من التغول السياسي والجمود المؤسساتي خمس سنوات من الوعود الوردية والنتائج الرمادية هذا هو الإرث الحقيقي لحكومتكم، التي تزعم أنها أنجزت في خمس سنوات ما لم يحققه المغرب في خمسين، بينما الحقيقة أنها أهدرت خمس سنوات كان يمكن أن تغيّر وجه البلاد”.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة