غياب التقييم عَطَّلَ قياس نتائج محاربة الفساد بالمغرب

admin25 نوفمبر 2025آخر تحديث :
غياب التقييم عَطَّلَ قياس نتائج محاربة الفساد بالمغرب


أكد أمين البصري، مدير مرصد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد (2015–2025)، أبرز بوضوح محدودية بعض آليات التتبع المعتمدة في السابق، التي ركزت أساسا على رصد تقدّم المشاريع دون تقييم منهجي للأثر الحقيقي على الممارسات والسلوكيات والمؤسسات.

وأوضح البصري، في كلمة تأطيرية لليوم الثاني من اللقاء الدراسي حول تقييم أثر سياسات مكافحة الفساد، المنظم بسلا، أن التحليلات بينت أن غياب منظومة تقييم مبنية على مؤشرات مرجعية منذ مرحلة التصميم لم يسمح بقياس التأثيرات بشكل دقيق، الأمر الذي دفع الهيئة إلى تطوير إطار مرجعي ومنهجي يساعد على إدماج البعد التقييمي في كل برامج الإستراتيجية المقبلة، منذ لحظة التخطيط وليس بعد التنفيذ.

وأبرز أن مشروع الدليل العملي لتقييم أثر سياسات مكافحة الفساد يأتي نتيجة لهذا التشخيص، مبرزا أن الدليل يهدف إلى الانتقال من منطق “تتبع المشاريع والأنشطة” إلى منطق “قياس الأثر الفعلي والحقيقي”، انسجاما مع التوجهات الوطنية ومعايير الهيئات الدولية، بما في ذلك توصيات مجلس أوروبا، ومعايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والالتزامات المرتبطة بالاتفاقيات الدولية.

وأشار إلى أن الدليل لا يقتصر على تقديم إطار مفاهيمي فقط، بل يقترح منظومة متكاملة تشمل الأسس المرجعية، وأنواع التقييم، ومنهجيات القياس، وآليات بناء المؤشرات، وتموقع نظرية التغيير كأداة مركزية لربط الإصلاحات بالنتائج الملموسة.

وشدد المتحدث على أنه “ليس وثيقة نهائية، بل مشروعا مفتوحا للتطوير المشترك، لأنه ليس إلا نقطة انطلاق نحو صياغة مرجع وطني متوافق عليه، يتم إغناؤه من خلال النقاشات والملاحظات العملية للقطاعات والهيئات المشاركة في هذا اللقاء”.

ولفت إلى أن الغاية من الوثيقة “ليست إنتاج وثيقة إضافية، بل بناء إطار منهجي يساعد المؤسسات على اعتماد تقييم الأثر كجزء أساسي من دورة السياسات العمومية؛ إطار يمكّن من قياس التغيرات، وفهم أسبابها، واستثمار خلاصاتها في تحسين السياسات وتعزيز الثقة في العمل العمومي”.

وذكّر بأن الحاجة إلى هذا الدليل تنبثق من التحولات المؤسسية التي يعرفها مجال الوقاية من الفساد ومحاربته بالمغرب، ومن أحكام القانون 46.19 الذي أسند للهيئة مهمة محورية تتمثل في تتبع وتقييم فعالية وأثر الإستراتيجيات العمومية في هذا المجال.

وبيّن البصري أن إعداد الدليل اعتمد على مجموعة من المراحل العلمية والمؤسسية، إذ شرع فريق المرصد أولا في إنجاز تقرير شامل حول تجارب تقييم الأثر على المستويين الوطني والدولي، يضم تحليلا للمنهجيات الرائدة، ورصدا للثغرات القائمة، واقتراحا لمدخلات ملائمة للسياق المغربي.

وأضاف أنه تم عرض هذا التقرير على خبراء مجلس أوروبا الذين قاموا بإغناء مضمونه بملاحظاتهم التقنية، مما أفضى إلى صياغة تقرير نهائي عالي الجودة”، مردفا أنه تم بعدها “تعميق هذا العمل من خلال إنجاز تقرير مقارن (Benchmark) من طرف خبراء المجلس، تضمّن دروسا مستخلصة من تجارب دولية متقدمة”، لافتا إلى أن هذه المراجع شكلت مجتمعة “الأساس العلمي الذي اعتمدناه لصياغة النسخة الأولية للدليل الوطني لتقييم الأثر”.

وأكد مدير مرصد الهيئة الوطنية للنزاهة أن نجاح هذا المشروع يظل رهينا بالانخراط الجماعي، وبالعمل المشترك بين الخبرات الوطنية والدولية، وبترسيخ ثقافة جديدة قوامها الاعتماد على الأدلة والنتائج في تقييم السياسات، مذكرا بأن الهيئة الوطنية ملتزمة بمواصلة هذا المسار، وبتطوير هذا الدليل ليصبح مرجعا عمليا يعتمد عليه في تصميم وتفعيل وتقييم الإستراتيجيات المقبلة لمحاربة الفساد، بما يعزز مسار الإصلاح ويجعل الأثر ملموسا لدى المواطن.

ويشار إلى أن اللقاء الدراسي، المنظم بشراكة بين الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ومجلس أوروبا على مدى يومين (25 و25 نونبر الجاري)، يتناول عددا من المحاور، من بينها “الإطار المعياري الدولي ومبادئ المتابعة والتقييم”، و”منهجيات تقييم الأثر”، إضافة إلى “نظرية التغيير والسلاسل السببية في إعداد استراتيجيات مكافحة الفساد”.

وسيشهد اليوم الثاني من اللقاء عرض الدليل العملي لتقييم أثر السياسات العمومية لمكافحة الفساد وخريطة البيانات الخاصة به، بالإضافة إلى عرض حالات عملية للتقييم تم إنجازها في المغرب.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة